الخميس 2 أيار 2024

تقارير وتحقيقات

انتهاكات إسرائيل بالقدس.. هل تشعل هبة شعبية جديدة؟

انتهاكات إسرائيل بالقدس.. هل تشعل هبة شعبية جديدة؟ 
النهار الاخباريه - وكالات
تواصل إسرائيل انتهاكاتها في مدينة القدس المحتلة، تحديدا بحي الشيخ جراح، في محاولة لفرض واقع جديد، الأمر الذي ينذر بتجدد المواجهة الشعبية مع إسرائيل في الأراضي الفلسطينية.
ويقول خبراء في أحاديث منفصلة مع الأناضول، إن المواجهة الشعبية الفلسطينية للانتهاكات الإسرائيلية "لن تتوقف" وأن تجدد اشتعالها "مسألة وقت"، في المقابل يرى آخرون أن الجهود الإقليمية الجارية التي تقودها واشنطن "قد تساعد في نزع فتيل التوتر".
وتواصل إسرائيل إغلاق حي الشيخ جراح، وتفرض قيودا على السكان، في ظل استمرارهم في التصدي لمحاولات طردهم من مساكنهم، واستبدالهم بعائلات يهودية.
وعبرت عدد الدول بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، عن رفضها لطرد السكان في القدس من منازلهم.
وفي 13أبريل/نيسان الماضي، تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية؛ جراء اعتداءات "وحشية" ترتكبها شرطة إسرائيل ومستوطنوها في مدينة القدس المحتلة، وخاصة المسجد الأقصى وحي "الشيخ جراح" (وسط)؛ في محاولة لإخلاء 12 منزلا فلسطينيا وتسليمها لمستوطنين.
وامتدت الأوضاع لمواجهة في مدن الضفة الغربية والداخل (داخل إسرائيل)، إضافة لتصعيد عسكري في قطاع غزة، بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل في 10 مايو/أيار الجاري، انتهى بالتوصل لوقف إطلاق نار في 21 من ذات الشهر.
وإجمالا، أسفر العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية عن 288 شهيدا بينهم 69 طفلا و40 سيدة و17 مسنا، بجانب أكثر من 8900 مصاب، فضلا عن تدمير مئات الوحدات السكنية والمقار الحكومية والمنشآت الاقتصادية.
في المقابل، قُتل 13 إسرائيليا وإصابة المئات؛ خلال رد الفصائل في غزة على العدوان بإطلاق صواريخ على إسرائيل.
 ردود دولية
وقال فريد أبو ضهير، أستاذ الإعلام في جامعة النجاح الوطنية بنابلس  إن الردود الدولية بشأن الانتهاكات الإسرائيلية عامة، وفي القدس والشيخ جراح خاصة "دفعة جديدة للفلسطينيين للدفاع عن حقوقهم".
وأضاف: "واضح أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية وحتى وأن كانت بصورة أقل عن السابق يشير إلى أن الأمور تتجه إلى مواجهة جديدة، وليست إلى الهدوء".
وأشار أبو ضهير، أن الهبة ستبدأ في مدينة القدس، وقد تكون "أكثر سخونة" وتمتد للداخل المحتل (داخل إسرائيل) رغم حساسية الأمر لديهم.
وعن الدور الدولي في ردع إسرائيل، يرى أستاذ الاعلام الفلسطيني، أن "إسرائيل لا تقيم أي اعتبار للمنظمات والمجتمع الدولي، غير أن علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والتزاماتها مع الإدارة الأمريكية سيكون له تأثير على سلوكها".
وأشار أبو ضهير إلى المواقف الأمريكية الرافضة لطرد السكان من حي الشيخ جراح، بالقول "سيكون لهذا دور تأثيري ولو بشكل تدريجي على السياسة الإسرائيلية في القدس".
ويلعب الدور العربي المتمثل بالمملكة الأردنية ومصر وحتى السعودية وإن كانت بشكل أقل في ردع العدوان الإسرائيلي، بحسب أبو ضهير.
واستدرك بالقول: "لكن التوتر لن يتوقف في القدس، التي هي مصدر لأي هبة وانتفاضة، وعدم كف إسرائيل عن الانتهاكات يعني أن المواجهة حتمية".

وهناك عوامل نوعية تدفع في المواجهة، وأخرى تدفع للتهدئة، بحسب رأي أمجد أبو العز، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية (جنين).
وقال أبو العز إن "الهبة الشعبة أو المواجهة مسألة وقت ليس أكثر".
وأوضح أن "هناك عوامل دافعة لاندلاع هبة شعبية جديدة أبرزها نية السلطات الإسرائيلية بعدم التراجع عن سياساتها في القدس، من اقتحامات متواصلة للمسجد الأقصى وبتهويد المدينة وطرد السكان الفلسطينيين من مساكنهم".

في المقابل، يرى أن عوامل ضاغطة على إسرائيل قد تحول دون تنفيذ مخططاتها، وبالتالي عدم اندلاع مواجهة، أبرزها سياسة الولايات المتحدة الرافضة لتهجير السكان".
وأشار أبو العز إلى أن تلك العوامل قد تدفع إسرائيل إلى سلك سياسة جديدة، من شأنها تخفيف التوتر الحاصل، وقد تذهب إلى تنفيذ مخططاتها بصورة تدريجية وبطرق أخرى (دون أن يوضحها).
 مواجهة شعبية
وبخلاف ما سبق، لا يتوقع سليمان بشارات، مدير مركز "يبوس" للدراسات ومقره مدينة رام الله، أن تشهد القدس وعموم الأراضي الفلسطينية "مواجهة مفتوحة" كما في الأيام السابقة.
واستند بشارات إلى مجموعة من المحددات، أولها "أن هناك ثقل سياسي يجري بالمنطقة ابتداءً من الولايات المتحدة مرورا بالاتحاد الأوروبي وضوء أخضر للدول العربية الإقليمية".
وقال إن "سرعة تحرك هذا الثقل السياسي يشير إلى أن هناك دافع لديهم لبقاء حالة الهدوء قائمة في المنقطة أو ما يتعلق بالحالة الفلسطينية".
والمحدد الثاني، بحسب بشارات أن "إسرائيل حتى اللحظة تراجعت عن كثير من الخطوات (في القدس)، رغم كونها غير كافية".
واعتبر السياسي الفلسطيني هذا التراجع "محاولة تدريجية للتراجع عن الأسباب الرئيسية للمواجهة الحالية، الناتج عن الضغط الميداني سواء من المقاومة أو المواجهة الشعبية وكذلك الضغط من الأطراف الدولية الساعية للتهدئة".
ومن أبرز مشاهد التراجع، بحسب بشارات "مسألة تأجيل المحكمة فيما يتعلق بالشيخ جراح، وإحالة ملف حي بطن الهوى بالقدس للمستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، رغم أنه كان هناك مسعى واضح قبل الهبة الأخيرة إلى تهجير أهالي الحي".
ورغم استمرار الاقتحامات للمسجد الأقصى إلا أن بشارات يرى أنها "تسير بوتيرة منخفضة".
لكن مدير مركز "يبوس" للدراسات، يقول إن "المواجهة الشعبية اليومية غير منضبطة للوقت ولا لكم المشاركين ولا رقعة الاشتعال، وبالتالي هذا النوع مرهون بتطورات الحالة اليومية، وفي هذه الحالة لا أعتقد أن يتوقف هذا النموذج لأنه في المقابل الممارسات الإسرائيلية لم تتوقف".
وبحسب تقديرات غير رسمية، يواجه نحو 1250 مواطنا من "الشيخ جراح" و"بطن الهوى" في القدس الشرقية، خطر التهجير القسري.
وفي 9 مايو/ أيار الجاري، أجلت المحكمة العليا الإسرائيلية، البت في ملف إخلاء عائلات فلسطينية من منازلها في الشيخ جراح، لصالح مستوطنين، إلى موعد لاحق (لم تحدد) بغضون يونيو/حزيران المقبل.
كما أرجأت محكمة إسرائيلية، الأربعاء، البت في التماس قدمته عائلات فلسطينية ضد قرار إجلائها من منازلها في حي "بطن الهوى" ببلدة سلوان وسط القدس، الى موعد لم تحدده