الأحد 5 أيار 2024

علماء يتمكنون من رسم الجزء الناقص من القارة الثامنة المفقودة

النهار الاخبارية - وكالات 

أكمل فريق من العلماء أخيراً خريطة زيلانديا، بعد عقود من العمل بهدف، مما كشف أسرار الماضي الغامض لهذه القارة المفقودة، بحسب ما نشره موقع Business Insider الأمريكي، الأحد 1 أكتوبر/تشرين الأول 2023. 

تسمى "زيلانديا" أحياناً بالقارة الثامنة للأرض، وتمتد على مساحة 1.9 مليون ميل مربع، أي نحو نصف مساحة أستراليا، لكنها كانت مخفية، وقد فُقِدَت لآلاف السنين، لأن 95% منها تحت الماء. 

هذا يجعل من الصعب للغاية رسم خريطة لها لأن معظم براكينها ووديانها وصدوعها وجبالها تقع في قاع المحيط بالقرب من نيوزيلندا.

لكن هذا لم يردع العالم نيك مورتيمر، الذي قاد فريق العلماء في دراسة زيلانديا لأكثر من 20 عاماً. 

في دراسة جديدة، انتهى الفريق من رسم خريطة للجزء الأخير من القارة، وهو الزاوية الشمالية الشرقية.

من خلال الجمع بين البيانات التي حصلوا عليها على مدار سنوات من البحث، قاموا برسم خرائط لسطح القارة مثل الهضاب والتلال، بالإضافة إلى الحدود التي تلتقي فيها القارة والمحيط، حسبما قال مورتيمر. 

نتيجة لذلك، يعتقد العلماء أنهم رسموا خريطة القارة الثامنة بشكل أكثر دقة من أي قارة أخرى على وجه الأرض.

وقال مورتيمر، عالم الجيولوجيا في معهد أبحاث GNS Science في نيوزيلندا الذي قاد الدراسة: "على حد علمنا، هذه الخريطة هي الأولى من نوعها". 


جدل حول "زيلانديا" 
وقد جادل البعض بأن زيلانديا ليست قارة لأن الكثير منها يقع تحت الماء. ويعتبرها آخرون جزءاً قارياً أو قارة صغيرة.

بالنسبة للجيولوجيين، مثل مورتيمر، فإن تعريف القارة لا يتعلق بالضرورة بمستوى سطح البحر.

بالإضافة إلى الحجم الكبير للقارة والحدود المحددة بين البر والبحر، هناك عامل مهم آخر وهو القشرة القارية.

تحتوي القارة عادةً على قشرة أكثر سمكاً وأكثر تنوعاً من الناحية الجيولوجية -مع وجود الجرانيت والصخور المتبلورة والحجر الجيري والكوارتز- مقارنةً بقاع البحر. 

تطلب الأمر تعاوناً دولياً كبيراً ومجموعة من بيانات الأقمار الصناعية والرادار والصخور لفهم جيولوجيا زيلانديا.

وبحلول عام 2019، كان الفريق قد رسم خريطة لحدود جنوب زيلانديا. وقال مورتيمر إنه استناداً إلى سنوات من البحث والأدلة المتراكمة، شعر الفريق أنه يمكنهم أخيراً أن "نطلق على زيلانديا قارة، وإن كانت مخفيةً أكثر من أي قارة أخرى". 

لكن الباحثين أرادوا أيضاً معرفة كيف تبدو زيلانديا، بدءاً من براكينها وتلالها وحتى جيولوجيتها السفلية، وهي أقدم قشرة تعمل كأساس لها.

أدى بحثهم، الذي نُشِرَ في 12 سبتمبر/أيلول في دورية Tectonics، إلى ملء الفجوات الجيولوجية في الخرائط في القسم الشمالي الشرقي، وهو الجزء الأخير من اللغز.

قام الباحثون بجمع وتأريخ صخور البازلت والحجر الرملي من قاع البحر في منطقة فيرواي ريدج في زيلانديا، الواقعة في بحر المرجان إلى الشمال الغربي من كاليدونيا الجديدة. وتراوحت أعمارها بين حوالي 36 و128 مليون سنة.

ومن خلال جمع عينات الصخور ثم تحديد مكان وجودها في زيلانديا، تمكن الفريق من تكوين فكرة عن القوى الجيولوجية، مثل تكوين البراكين والقشور الغارقة، ومتى تكونت. 

وتساعد البيانات الجيولوجيين على فهم ما حدث عندما انفصلت زيلانديا عن كتلة أرضية أكبر، حيث يصف مورتيمر زيلانديا بأنها قطعة إضافية من لغز القارة العملاقة غوندوانا.


لفترة طويلة، عرف الجيولوجيون أن "غوندوانا" عبارة عن كتلة أرضية تحتوي على ما يُعرَف الآن بالقارة القطبية الجنوبية وأستراليا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا والهند. وبدأت في التفكك خلال العصر الجوراسي المتأخر، منذ حوالي 160 مليون سنة.

وقدمت جيولوجيا الطابق السفلي لزيلانديا أدلةً حول مكان ملاءمتها للقارة العملاقة إلى جانب أستراليا والقارة القطبية الجنوبية. 

شمل ذلك العثور على مكان التقاء الجرانيت من قبل، وسجلات الانعكاسات في المجال المغناطيسي للأرض. قال مورتيمر: "يمكننا الحصول على بعض التطابقات الجيولوجية المُرضية للغاية عبر هذه القارات قبل تفكك القارة العملاقة". 

وقال مورتيمر إنه تحت الجليد، يُغمَر جزء كبير من غرب القارة القطبية الجنوبية مغمور تحت الماء. منذ حوالي 100 مليون سنة، كان الاثنان معاً جزءاً من غوندوانا. وأضاف: "كلا الجزأين كانا ممدودين، مثل عجينة البيتزا، ثم سُحِبَ كل منهما وتمددا. لقد أصبحا أوسع لكن أنحف". 

ومع تبريد القشرة وترققها، بدأت زيلانديا في الانخفاض تحت الماء واستمرت في الغرق حتى حوالي 25 مليون سنة مضت. وفي الوقت نفسه، أدى ارتفاع القشرة الأرضية إلى تكوُّن الجبال والجزر، رغم أن نيوزيلندا ربما لم تكن مغمورة بالمياه بالكامل على الإطلاق. 

زوَّد ذلك علماء الأحياء أيضاً بمعلومات مهمة حول النباتات والحيوانات التي عاشت في نيوزيلندا، مثل طيور البطريق القديمة. 

وقال مورتيمر إن الإجابات عن العديد من الأسئلة لا تزال دون حل. ولكن الآن بعد أن أصبح لدى الجيولوجيين فكرة أساسية عن الخطوط العريضة لزيلانديا وجيولوجيتها، يمكنهم تشكيل مشاريعهم البحثية وأسئلتهم بطريقة أكثر استنارة للإجابة عن أسئلة متى وكيف ولماذا.