الإثنين 6 أيار 2024

سر تحول جوجل من نمط إنساني قادها للنجاح إلى وحش رأسمالي

النهار الاخبارية - وكالات 

"جنة الشركات على الأرض" تحولت إلى وحش رأسمالي تقليدي، هكذا أصبحت توصف شركة جوجل "Google" العملاقة التي نالت عام 2018 لقب صاحب العمل الأفضل في الولايات المتحدة.

ولكن هذه الصورة بدأت تهتز بشكل كبير بعد تسريحها آلاف العمال مؤخراً، حسبما ورد في تقرير لشبكة "CNN" الأمريكية.

ولم تكن المشكلة فقط، في تسريحها آلاف العمال، بل في الطريقة، فلقد تم تسريحهم فجأة وعبر البريد الإلكتروني بطريقة تتناقض تماماً مع التصور الإنساني الحميم الذي قدمته الشركة عن نفسها للعالم ولموظفيها لسنوات.

الطريقة التي أبلغت بها الشركة موظفيها القرار كانت "باردة"، على حد وصف جيريمي جوسلين، الذي أمضى عقدين من الزمن كمهندس برمجيات لشركة جوجل ليتم تسريحه مع الآلاف من زملائه في العمل.

ولكن لم تكن باردة فقط بل صادمة بالنسبة للبعض، فمن بين من 12000 عامل تم تسريحهم من قبل جوجل يوم 20 يناير/كانون الثاني 2023، اضطر أحد موظفي Google للاتصال بالدعم الفني بعد تلقيه رسالة تفيد بأن ولوجه خطأ عندما حاول تسجيل الدخول إلى نظام العمل.

فلقد تم حذفه من النظام دون إخباره أنه تم تسريحه، كأنه شخص خطير.

كان موظف آخر يعمل مديراً في إجازة، لذا لم يكن لديه أي شخص للوصول إليه عندما بدأت شائعات تسريح العمال في الانتشار، ثم تبين له أنه من بين ضحاياها.

وانضمت جوجل لطابور شركات التكنولوجيا الأمريكية التي نفذت عمليات تسريح واسعة لموظفيها.

يمثل العمال الـ12 ألفاً المسرحين ما يزيد قليلاً عن 6% من القوى العاملة للشركة الأم Alphabet، والتي بلغ عددها 186.000 وفقاً لما ورد في تقرير لشبكة CBS News الأمريكية.

في حين أن مدى تسريح العمال كان مذهلاً، وإلى حد بعيد يعد أكبر التخفيضات في تاريخها، كانت الطريقة التي تم التعامل بها مع التخفيضات هي التي أذهلت الكثيرين داخل الشركة وخارجها.

ليس هناك فرصة لقول وداعاً للزملاء أو حتى جمع المقتنيات العزيزة
وقال جوسلين وموظفون سابقون آخرون في Google إنهم تلقوا إشعاراً بفصلهم عبر بريد إلكتروني، وزاد الطين بلة عدم تلقي أي تحذير مسبق بأن هذا يكون آخر يوم لهم في الشركة.

وقال جوسلين إنه يدرك أن تسريح آلاف العمال دفعة واحدة هو إجراء معقد وأن البريد الإلكتروني ربما يكون أسهل طريقة للشركة للقيام بذلك مع هذا العدد. قال لكنها لم تكن أفضل طريقة.

وأضاف موظف جوجل لشبكة CBS MoneyWatch: "في الوقت نفسه، تفتخر شركة جوجل بنفسها في قدرتها على حل المشكلات الصعبة". "إن كيفية إخطار الناس بأمان وباحترام بأنه يتم تسريحهم من العمل هي مشكلة صعبة، وأعتقد أنه كان بإمكانهم القيام بعمل أفضل لحلها".

شارك جوسلين إحباطه من عملية التسريح المؤلمة التي نفذتها جوجل للعمال على Twitter في منشور حصد أكثر من 3000 إعادة تغريد و42000 إعجاب. وكتب جوسلين على تويتر "يا لها من صفعة على الوجه. أتمنى لو كنت قادراً على توديع جميع زملائي وجهاً لوجه". وقال إن طريقة البريد الإلكتروني في النهاية تحرم الموظفين من قول وداعاً لزملائهم أو إزالة المتعلقات المهمة من مكاتبهم.

وأعلنت مايكروسوفت في يناير/كانون الثاني عن تخفيض 10 آلاف وظيفة، أو ما يقرب من 5% من قوتها العاملة، بينما قالت أمازون إنها ستقلص 18 ألف وظيفة. تخطط شركة Meta الأم لفيسبوك لإلغاء 11 ألف وظيفة.

هل ما فعلته جوجل قانوني؟
إخطار الموظفين بفصلهم عبر البريد الإلكتروني ليس أمراً غير قانوني في الولايات المتحدة، لكن ما حدث في جوجل هو مثال آخر على فشل الشركات في توصيل الأخبار السيئة بأمان، حسب تقرير شبكة CBS  الأمريكية.

وقد لا يكون هذا غريباً على أغلب الشركات الأمريكية التي توصم بأنها تمثل الرأسمالية المتوحشة، ولكن قد يكون غريباً بالنسبة لشركة قدمت نفسها على أنها نموذج للرأسمالية الإنسانية.

موظفة مفصولة كانت في مخاض وآخر كان في إجازة مرضية
لم تسرح جوجل أي موظفين: فقد تم تسريح جميع قدامى الموظفين في الشركة الذين عملوا بها منذ عقود، منهم موظف واحد على الأقل في إجازة صحية، وحتى موظفة في المخاض مع طفلها الثاني، مع القليل من التوضيح.

وقال عمال سابقون لشبكة CNN إن الموظفين تركوا يتدافعون لتحديد من تم التخلي عنه، ولم يكن لدى المتضررين فرصة لتوديع زملائهم أو حزم مكاتبهم.

البداية كانت مختلفة، فلقد كانت تركز على موظفيها لدرجة تدليكهم أثناء العمل.

بالنسبة للكثيرين، بدا نهج جوجل في تسريح العمال، رغم أنه ليس فريداً، بعيداً عن ثقافتها الشهيرة المتمحورة حول الموظف.

فلطالما كانت جوجل نموذجاً أولياً لشركة تضع رفاهية موظفيها في مقدمة اهتماماتها، وهي حقيقة تكاد تكون مركزية في صورتها العامة مثل محرك البحث الأساسي الخاص بها.

لقد أغرقت الموظفين بحزم تعويضات وامتيازات كبيرة، بدءاً من جدران التسلق في المكتب ووجبات التذوق المجانية، إلى جلسات التدليك في العمل ورعاية الأطفال. وأشركت الشركة موظفيها في مهمة عمل كبرى مشتركة وشجعتهم على مشاركة الأفكار النقدية في العمل بحرية.

واشتهرت جوجل بشعارها القديم المتمثل في "لا تكن شريراً"، وكانت شعاراتها أحياناً مرادفة لشعار: "لا تكن شركة".

لماذا تحولت الشركة عن ثقافة الانفتاح؟
لكن بالنسبة لبعض الموظفين السابقين المتأثرين بحالات التسريح، كانت التسريحات مجرد أحدث مثال على تحول ثقافي يقولون إنه كان جارياً في جوجل منذ سنوات. لقد تعرضت الثقافة التي تقدر الانفتاح واحترام الموظفين لاختبارات عسيرة بشكل متزايد وتآكلت بسبب الفضائح الداخلية، والإضرابات، والتدقيق العام المتزايد، ومتطلبات العمل، وحقيقة أنه على الرغم من الجهود الجبارة التي بذلها القادة السابقون، أو على الأرجح بسبب تلك الجهود، فإنها أصبحت شركة كبيرة جداً، وبالتالي أصبحت شركة تقليدية.

في مقابلات مع شبكة CNN الأمريكية، وصف أكثر من ستة من موظفي جوجل الحاليين والسابقين، بمن في ذلك العديد من المتأثرين بتسريح العمال مؤخراً، الشركة بأنها تغيرت ثقافتها بطرق كبيرة لسنوات، بما في ذلك تقليص الامتيازات، وانخفاض الوصول إلى القيادة العليا والتركيز على الأعمال قصيرة المدى بدلاً من الرؤية طويلة المدى.

وأصبح هناك "تكريس دائم للإيرادات ونمو لا نهاية له على ما يبدو"، حسبما قال موظف آخر تضرر من التسريح الجماعي الذي حدث شهر يناير/كانون الثاني لشبكة CNN. "وهذا يأتي دون أي تفكير في رفاهية الموظفين في النهاية".

وقالت مارغريت أومارا، مؤرخة التكنولوجيا والأستاذة بجامعة واشنطن الأمريكية التي كتبت عن تطور وادي السيليكون، إن تسريح جوجل للموظفين عبر البريد الإلكتروني "يعكس هذه المشكلة التي أصبحت فيها، لقد باتت جوجل شركة كبيرة، بل البعض يقول إنها أصبحت شركة بيروقراطية".

لم تعد تمثل الرأسمالية اللطيفة أو الإنسانية التي كانت تدعيها
فهذا النمو يجعل من الصعب "بشكل خاص" على الشركة "الحفاظ على صورتها بأنها تمثل "رأسمالية أكثر لطفاً وأنها تركز على الناس".

عند طلب التعليق على هذه القصة، وجهت Google شبكة CNN إلى تدوينة حول تسريح العمال في يناير/كانون الثاني 2022، وصفت الشركة عمليات التسريح بأنها "قرار صعب لإعداد نفسها للمستقبل" وسط بيئة اقتصادية صعبة، واعتذرت عن أنها ستكون "بمثابة وداع لبعض الأشخاص الموهوبين الذين عملت الشركة بجد لتوظيفهم وأحببت العمل معهم".

تمثل التغييرات في جوجل رمزاً لتطور أكبر في التكنولوجيا مع نضوج وادي السيليكون، وتعرض مؤسسي شركات التكنولوجيا الذين رغبوا في القيام بالأعمال بشكل مختلف إما لضغوط لإرضاء مستثمري بورصة وول ستريت أو أنه قد تم استبدالهم بمديرين تنفيذيين من خلفيات شركات تقليدية.

وقامت العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى بتسريح آلاف العمال في الأشهر الأخيرة، وكثير منهم من أقسامها التجريبية الأكثر ابتكاراً، حيث تواجه الصناعة حقيقة أنها قد لا تكون قادرة على الاستمرار في النمو بسرعة فائقة إلى الأبد. قد تسعى شركات التكنولوجيا أيضاً إلى استعادة بعض النفوذ على الموظفين بعد سنوات احتفظ فيها العمال بقوة واستقلالية كبيرة – من خلال نشاط العمال وسوق العمل الضيق والتحول السلبي في التصور العام لعمالقة التكنولوجيا.

وقال موظف سابق: "أعتقد أن التكنولوجيا ربما لم تعد محصنة"، مضيفاً أن عمليات التسريح تمثل "نوعاً من الخطوة الأولى، أو ربما الخطوة النهائية، لشركة جوجل والعديد من شركات التكنولوجيا الأخرى التي أصبحت أكثر طبيعية".

Google كانت تقول إن الموظفين هم كل شيء بالنسبة لها
عندما انضمت كلير ستابلتون إلى Google في عام 2007، كانت شركة جديدة نسبياً وقد هبطت لتوها لأول مرة على رأس قائمة Fortune لأفضل 100 شركة للعمل بها، خلال سنواتها الأولى هناك، عملت في مجال التسويق.

تقول: "بالنسبة لي، لم يكن الأمر يتعلق بالمنزلقات الأنبوبية وجدران التسلق داخل الشركة المخصصة للترفيه عن الموظفين، أو أنهم سددوا تكلفة شبكة Wi-Fi الخاصة بك، بالنسبة لي كان الأمر يتعلق بالأشخاص في الشركة وجعلتني الأجواء أهتم بمهمة العمل الأساسية والشعور بأن الشركة كانت مبدعة جداً وتتيح لي الحرية"، حسبما قالت ستابلتون لشبكة CNN.

كتب مؤسسا جوجل لاري بيدج وسيرجي برين في أول خطاب مساهم لهما في عام 2004 أن "Google ليست شركة تقليدية".

من بين المبادئ الأساسية للشركة المنصوص عليها في هذه الرسالة أن "موظفينا، الذين أطلقوا على أنفسهم اسم موظفي Google، هم كل شيء"، وطلبوا من المساهمين "توقع منا إضافة مزايا الموظف بدلاً من تقليلها بمرور الوقت".

وأكدت الشركة على الرسالة التي مفادها أن موظفيها كانوا جزءاً من مهمة أكبر لجعل العالم مكاناً أفضل وأكثر ذكاءً. 

وتسمح لهم بقضاء 20% من وقتهم بمشاريع جانبية وتوفر طاولات تنس بالمكاتب
واشتهرت جوجل بالسماح للعاملين بقضاء 20% من وقتهم في مشاريع جانبية أصبحت أحياناً منتجات حقيقية. 

ناقش موظفون سابقون آخرون ممارسة لا تزال سارية لفحص الموظفين الجدد المحتملين بحثاً عن "Google-yness"، وهي شخصية تتلاءم مع ثقافة الشركة القائمة على التعاون والانفتاح، أثناء مقابلات العمل.

مهد مثال جوجل الطريق لموجة من الشركات الحديثة العهد التي سعت إلى محاكاة نموذجها، من خلال مخططات الطوابق المفتوحة، وطاولات تنس الطاولة داخل المكتب، والفعاليات الفاخرة خارج الموقع. 

ماذا الذي حدث في 2015 وغير الشركة؟ فتش عن المرأة القادمة من وول ستريت
لكن كثيرين يشيرون إلى عام 2015 كنقطة تحول.

في مارس/آذار من ذلك العام، أصبحت روث بورات، التي كانت في السابق المديرة المالية لشركة مورغان ستانلي المالية إحدى أقوى النساء في وول ستريت، المدير المالي لشركة جوجل.

بعد أشهر، أعلن بيج وبرين أن سوندار بيتشاي سيتولى منصب الرئيس التنفيذي لشركة جوجل، وأنه ستتم إعادة هيكلة الشركة لفصل Google ومشروعات الشركة الطموحة الأخرى إلى شركات تابعة لشركة Alphabet. الكيان الذي أصبح الشركة الأم لجوجل.

تمت إزالة شعار "لا تكن شريراً!"
وفي هذا الوقت أيضاً، قامت Google بإزالة عبارة "لا تكن شريراً" من مدونة قواعد السلوك الخاصة بها، واستبدالها بـ"افعل الشيء الصحيح، وكأن المقصود قد يفهم منه افعل الشيء الصحيح حتى لو أصبحت شريراً".

وقال موظف سابق تأثر بتسريح العمال: "تقوم بتعيين مصرفيين ومديرين ماليين من وول ستريت، ثم يميلون إلى إرضاء وول ستريت، وأنت تبتعد قليلاً عما كان يقصده المؤسسون". لكنه أضاف أن المؤسسين ظلوا يستثمرون بشكل كبير في الشركة "لذلك فهم يوافقون على هذا التوجه".

 وقال كاميرون روت، مدير الإنتاج الذي كان من بين الذين تم تسريحهم في يناير/كانون الثاني 2022، إن الانتقال من Google إلى Alphabet مهد الطريق لنمو هائل في سعر سهم الشركة، لكنه أدى أيضاً إلى تغيير طبيعة ما يعنيه العمل لدى شركة التكنولوجيا العملاقة.


فجأة، تم تحويل العديد من أكثر المشاريع طموحاً إلى وحدات أعمال أخرى.

وقال روت: "كانت المشكلة، فجأة، أنك لم تعمل لصالح شركة كانت ترسل أشياء إلى الفضاء أو تصنع سيارات ذاتية القيادة". كانت جوجل دائماً، في جوهرها، شركة إعلانية، لكنه قال: "كانت هناك هوية مرتبطة بـ Google حيث يعرف الناس أنه يمكنك أن تكون في فريق يصنع سيارات ذاتية القيادة".

إضرابات وتحرش جنسي وتمييز
تعرضت ثقافة جوجل وسمعتها لمزيد من التحدي بسلسلة من الأحداث في عامي 2017 و2018 عندما نظم الموظفون إضرابات جماعية احتجاجاً على ما وصفوه بثقافة مكان العمل التي غضت الطرف عن التحرش الجنسي والتمييز.

وأثار الموظفون في ذلك الوقت أيضاً مخاوف بشأن تعاملات Google التجارية مع الجيش الأمريكي والعمل في الصين واتهامات بأن الشركة انتقمت من العمال الذين انتقدوها.

في أعقاب الإضراب، أجرت جوجل بعض التغييرات الإيجابية، بما في ذلك إنهاء التحكيم الإجباري بشأن دعاوى التحرش الجنسي وسوء المعاملة من الموظفين. 

تم فصل الموظفة التي شاركت في الإضرابات
لكنها أيضاً فرضت مزيداً من القيود على الشفافية والانفتاح الداخليين اللذين كانا سمة مميزة لها، وفقاً لستابلتون، التي ساعدت في تنظيم الإضرابات وغادرت جوجل في عام 2019 بعد أن انتقمت الشركة منها على ما يُزعم، بينما قالت الشركة في ذلك الوقت إن تحقيقاً داخلياً لم يجد دليلاً على الانتقام.

في الآونة الأخيرة، كما يقول الموظفون السابقون، تراجعت جوجل عن الامتيازات المادية مثل التدليك داخل المكتب وميزانيات السفر والاجتماعات خارج الموقع.

وقال أحد العمال المسرَّحين: "أعتقد أن الكثير منا كان يأمل أن يكون ذلك كافياً للاحتفاظ بوظائفنا؛ لأنهم كانوا يخفضون كل هذه النفقات".

طرد موظف بعد أن تحدث خلال إجازة عن مشكلة بالعمل
لكن التأثير الأكبر كان من التحولات إلى الثقافة التي رحبت ذات مرة بتعليقات الموظفين وانتقادهم.

أصيب موظف سابق، كانت وظيفته العمل عبر فرق مختلفة تدافع عن رفاهية المستخدم والتوازن في علاقة المستخدمين بالتكنولوجيا، بالإحباط بعد تعرضه للإغلاق بشكل متكرر و"قطع المحادثات" والمشاريع أثناء محاولته الضغط من أجل سياسات أكثر صحية للموظفين، في النهاية، حصل الموظف السابق على إجازة صحية عقلية بسبب الإرهاق.

ولكن طرد خلال هذه الإجازة.

 قال الموظف السابق لشبكة CNN: "أحد الأشياء التي كنت أتحدث عنها خلال إجازتي، هو الشعور بمحاولة التوفيق بين الحديث عن الانتماء"، مع إدراك أنه حتى مع كل الحديث الشمولي لم أتمكن في الواقع من الظهور بمظهر شخصيتي الحقيقية الكاملة في العمل".

كان الموظف لا يزال في إجازة للصحة العقلية عندما تم إخطاره بأنه تم تسريحه في يناير/كانون الثاني.

أسباب قرار تسريح جوجل لآلف الموظفين
جوجل، مثل شركات التكنولوجيا الزميلة التي أعلنت مؤخراً عن تسريح العمال، بررت التخفيضات في أعداد العمالة على أنها ضرورة اقتصادية.

وزادت  شركة Alphabet الشركة الأم لجوجل من قوتها العاملة بأكثر من 50000 موظف خلال العامين الماضيين؛ حيث أدى الطلب المتزايد على خدماتها خلال إغلاقات وباء كورونا إلى زيادة الأرباح.

ولكن في الفصول الأخيرة، تباطأ نشاط الإعلانات الرقمية الأساسي للشركة حيث تسببت مخاوف الركود في تراجع المعلنين عن إنفاقهم.

وسجلت Alphabet في فبراير/شباط 2023 انخفاضاً حاداً في الأرباح للأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022، ومن المتوقع أن تنخفض الأرباح مرة أخرى على أساس سنوي في الربع الحالي.

ولكنها قدمت مزايا تقاعد جيدة
على الرغم من بعض الإحباطات بشأن كيفية تنفيذ عمليات التسريح، لم تتخلّ جوجل تماماً عن التزامها تجاه الموظفين في هذه العملية، كما أشار كاميرون روت، مدير الإنتاج المسرح.

فلقد تلقى الموظفون الأمريكيون المتأثرون ما لا يقل عن 16 أسبوعاً من رواتب نهاية الخدمة، بالإضافة إلى مزايا أخرى، وهي من بين الحزم الأكثر سخاء المقدمة للموظفين الذين تم تسريحهم مؤخراً من قبل عمالقة التكنولوجيا.

ومع ذلك، أدت عمليات التسريح إلى خلق حالة من عدم الأمان والإحباط بين الموظفين الذين بقوا في الشركة، وفقاً للموظفين الحاليين والسابقين.

ونظم مئات من موظفي Google في سويسرا إضراباً الأسبوع الماضي احتجاجاً على تسريح العمال، جزئياً بسبب الإحباط من الافتقار إلى الشفافية. وفي الوقت نفسه، في الولايات المتحدة، انضم مئات من العمال الإضافيين إلى نقابة عمال Alphabet منذ الإعلان عن تسريح العمال، وقال هايدن لورانس، المهندس الحالي في جوجل وعضو الاتحاد، إن العمال الباقين في الشركة "غاضبون"، و"خائفون" من أن المزيد من التسريحات قد تكون في الطريق، مع القليل من الضمان بأن الأداء القوي أو فترة الخدمة الطويلة ستحميهم.

وقال لورانس لشبكة CNN الأمريكية: "هناك نوع من الأسطورة في التكنولوجيا، يعتقد الكثير من الناس أنه مع أخلاقيات العمل الجيدة وأدائك القوي، ستتمكن من الاستمرار في العمل". "لكنني أعتقد أننا رأينا أنه لا يمكنك الاعتماد فقط على بذل قصارى جهدك بشكل فردي، فنحن بحاجة إلى العمل الجماعي والتنظيم معاً".

عمم موظفو جوجل في جميع أنحاء العالم خلال عطلة نهاية الأسبوع عريضة تطالب بتحسين التعامل مع تسريحات الشركة، بما في ذلك طلبات إعطاء الأولوية لشغل الوظائف الجديدة للموظفين المسرحين مؤخراً واحترام إجازة الوالدين المجدولة وغيرها من الإجازات العائلية.

"إن الشعور المتزايد بعدم الأمان لا يؤثر فقط على الموظفين الأفراد؛ كما أنه يخاطر بتقطيع أي بقايا من الثقافة الداخلية الأصلية لجوجل"، حسبما قال روت: "الضرر الذي يلحق بالأصول غير الملموسة كبير جداً". "من الواضح بشكل مؤلم من الداخل أنه لا توجد طريقة أن أي مكسب في الأسهم ستكسبه يستحق الضرر الذي يلحق بثقافة Google بالنظر إلى أن هذه هي أهم موارد الشركة ويعرف الجميع ذلك".

لاحظ الموظفون السابقون أن مفهوم "السلامة النفسية" – الذي قال رئيس الموارد البشرية السابق في Google لازلو بوك إنه مفتاح ثقافة الشركة من خلال تعزيز التعاون والمشاركة المفتوحة للمعلومات – يتعرض للخطر عندما يبدأ الموظفون في القلق إذا كانوا التاليين.

 قالت ستابلتون: "تقول جوجل نوعاً ما إنهم لا يهتمون بذلك بعد الآن بالطريقة نفسها التي نفذوا بها تسريحات العمال والطريقة التي يتحدثون بها عن خفض الامتيازات وهذا النوع من الأشياء". 

وأضافت ستابلتون أنه على الرغم من أن Google ستظل بالتأكيد مكاناً مرغوباً فيه للعمل، كإحدى شركات التكنولوجيا البارزة في العالم ولكن الآن سوف يُنظر إليها على أنها شركة تقليدية أكثر.

قبل حوالي شهر من تسريح العمال في يناير/كانون الثاني، قال موظف سابق إن Google رسمت "أنت تنتمي" على أحد الجدران في منطقة عملهم. كان جزءاً من حملة داخلية أكبر لبناء الروح المعنوية بين الموظفين.

وأضافت: "أتذكر المرة الأولى التي رأيت فيها ذلك هناك، أحببت الملصق لدرجة أنني أضعه على جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بي"، ولكن بعد عمليات التسريح، بدت الرسالة وكأنها مزحة قاتمة".