السبت 18 أيار 2024

كورونا أجبر أوروبيين على "تناسي" اللقاحات الأخرى.. فهل يؤدي ذلك إلى انتشار أمراض خطيرة؟

كورونا أجبر أوروبيين على "تناسي" اللقاحات الأخرى.. فهل يؤدي ذلك إلى انتشار أمراض خطيرة؟
في ربيع 2020 بدأت الدول الأوروبية تفرض الإغلاق الشامل واحدة تلو الأخرى، فيما كان فيروس كورونا، الذي لم يكن معروفاً بشكل كافٍ آنذاك، ينتشر في كل مكان. في ذلك الوقت، كان الجميع تقريباً يغسل الخضار والفواكه قبل استهلاكها، كما أن نقاط استفهام أخرى طرحت حول تأثير الفيروس على الأطفال وبقائه على المسطحات.
بالحديث عن الأطفال، قالت منظمة الصحة العالمية ليورونيوز إن بعض الأهالي لم يعطوا أولادهم اللقاحات المفروضة أو الموصى بها ضدّ عدّة أنواع من الأمراض مثل الحصبة والتهاب السحايا والتهاب الكبد. وأكّد دراغان يانكوفيتش، أحد المسؤولين في منظمة الصحة العالمية أن البيانات الأولى التي تستند إلى إحصائيات حكومية، تشير إلى انخفاض في عمليات تطعيم الأطفال".
مناعة القطيع
أصبح مصطلح "مناعة القطيع" على لسان الجميع منذ انتشار وباء كوفيد-19 حول العالم، ونال حصته من النقاش في أوروبا. ولكن المصطلح تسبب بجدل كبير إذ ارتأت أنظمة توصف بـ"الشعبوية" إلى أن مناعة القطيع تأتي بعد إصابة الجميع بالمرض، الأمر الذي نفته جهات طبية عدّة، مشيرة إلى أن المناعة تأتي عبر حملات التطعيم.
ومناعة القطيع لا تخصّ المرض الذي يتسبب به الفيروس التاجي كورونا فقط، إنما أيضاً أمراض أخرى سريعة العدوى والانتشار مثل الحصبة. وللتوصل إلى مرحلة "مناعة القطيع" فعلى قسم أساسي من شعب أي دولة أن يتم تلقيحه، ما يكبح انتشار الفيروس في المجتمع بشكل عام. ولكن نسبة الذين يجب تطعيمهم لكبح انتشار مرض معدٍ تختلف من مرض إلى آخر. فالنسبة للحصبة مثلاً، على 95 بالمئة من السكان أن يتطعموا، بحسب ما تقوله منظمة الصحة العالمية. أما نسبة 5 بالمئة المتبقية فستكون محمية لأن الحصبة لن تنتشر بين المطعمين.
في لندن على سبيل المثال، قالت الدكتورة فارزة حسين من مركز "ذا بروجكت سورجري" البريطاني إن تراجعاً في عمليات التطعيم سُجل في الفترة الأخيرة. وتقول حسين ليورونيوز إنه خلال الإغلاق الأول في آذار/مارس الماضي، انخفضت نسبة تطعيم الأطفال بـ50 بالمئة، وتضيف أن الأمر "خاطئ" خصوصاً وأن الحصبة سجّلت تقدماً في بعض الأحياء اللندنية في السنوات الأخيرة.
وتقول جسين إن المركز اتخذ الإجراءات المطلوبة لإعادة الأمور إلى نصابها، فخصص ممراً لتطعيم الأطفال بينما هم في سيارات الأهل، مؤمنين بذلك عملية التلقيح التي خيّم عليها شبح كورونا. والإجراءات أدت إلى إعادة نسبة التطعيم لدى الأطفال إلى حدود 90 بالمئة خلال سنتين وكان نجاحها مدفوعاً أيضاً بخوف الأهل على أطفالهم.
أي أمراض؟
لقد سُجلت على المستوى الأوروبي بعض الحالات من الخُناق (الديفتيريا) والسعال الديكي، ولكنّ الحصبة كانت المرض الذي سبب القلق الأكبر في الوسط الطبي. ويقول يانكوفيتش إن لقاح "دي بي تي" المضاد للكزاز (تيتانوس) والديفتيريا والسعال الديكي، الذي يستخدمم منذ وقت طويل أوروبياً، حمى من تلك الأمراض جيداً خلال فترات الحجر الصحي.
وتعتبر الحصبة من أكثر الأمراض عدوى حول العالم بحيث سيضاب 9 أشخاص من بين 10 تعرّضوا للفيروس المسبب لها بحسب المراكز الأميركية لمراقبة الأوبئة ومكافحتها. وحالات الموت بسبب الحصبة مرتبطة بتضاعفات متنوعة ولكن العوارض الخطيرة موجودة بشكل خاص لدى الأطفال الذين لم يتخطوا الخامسة بعد أو البالغين الذين تخطوا الـ30.
وبدأت حالات الحصبة بالظهور في أوروبا والعالم في عام 2017 ووصلت إلى ذروتها في 2019 حيث سجّلت أكثر من مئة ألف حالة بحسب منظمة الصحة العالمية. ومثلت الحالات في أوروبا أكثر من 80 بالمئة من الحالات العالمية، حيث بلغ عددها 82.596 عاماً. وترى منظمة الصحة أن السبب في عودة حالات الحصبة يعود إلى تأخر تلقيح الأطفال في الوقت المناسب.

الحالة الأوكرانية
سجّلت في أوكرانيا وحدها نحو 53 ألف حالة وفي صربيا نحو 5 آلاف حالة وفرنسا نحو 3 آلاف وإيطاليا نحو 2500 وروسيا نحو 2200 واليونان وجورجيا كذلك وألبانيا 1466 ورومانيا 1087 حالة. وصدرت تقارير زعمت أن بعض الأهالي في أوكرانيا الذي لا يريدون تطعيم أولادهم، يشترون شهادات تلقيح مزورة، ما أدى إلى ذلك العدد المرتفع من الحالات.

ولكن الدكتور فيدير لابي المختص بتلقيح الأطفال في مركز طبي في كييف قال ليورونيوز في 2019 أن بعض الأهالي كانوا يخافون، أو لا يثقون بالأطباء، ولذا فضّلوا عدم تلقيح أطفالهم. وبالتالي، هذا يعني أنهم لا يرفضون بالضرورة فكرة اللقاح. ويشير لابي أيضاً إلى أن الدولة الشرقية عانت من نقص حاد في اللقاحات في 2010 وهذا ما أجبر كثيراً من الأهالي على البحث عن عيادات خاصة لتلقيح أطفالهم.
والعيادات الخاصة تعني أنه كان على الأهل دفع مبالغ مادية أكبر من تلك المطلوبة في المراكز الحكومية لقاء تلقيح الأطفال. وتقول إيرينا زانس، وهي والدة أحد الأطفال، إنها لما أرادت تلقيح رضيعها (13 شهراً) كان عليها شراء اللقاحات الإجبارية التي تفرضها الدولة على المواطنين، إضافة إلى شراء كل اللقاحات الأخرى. وتضيف زانس أنه كان بمقدورها تحمل تكاليف لقاح واحد لا خمسة في آن معاً.
ويقول يانكوفيتش إن الطب تمكن من وضع حدّ للحصبة واصفاً تلك القصة بـ"الرائعة والناجحة" ولكنه يقول إن عدد الحالات يرتفع من حين إلى آخر ويعتبر أن ذلك الأمر غير مقبول.
إيطاليا تؤجل التلقيح
في إيطاليا أشار استطلاع أن أسرة من كل ثلاثة أسر قررت تأجيل تلقيح أبنائها وبناتها الذين تتراوح أعمارهم من 0 إلى 11 سنة لأسباب تتعلق بالإجراءات الصحية خلال انتشار فيروس كورونا.