السبت 18 أيار 2024

المعركة الأوروبية ضد عمالقة التكنولوجيا الأميركية

النهار الاخبارية - وكالات 

العقوبة الإيطالية تأتي بعد سلسلة من الضربات تعرض لها عمالقة التكنولوجيا الأميركية في أوروبا في الأشهر القليلة الماضية 
تلقت شركة "أمازون" (Amazon) ضربة مؤثرة في الساحة الأوروبية بعدما فرضت المحاكم الإيطالية غرامة مالية ضخمة لمكافحة الاحتكار ضد الشركة العملاقة، بلغت قيمتها 1.1 مليار يورو، يوم الخميس الماضي، لسوء استخدامها هيمنتها على السوق.

وكان المشرّعون في الاتحاد الأوروبي قد حققوا انفراجة حقيقية في كيفية استهداف شركات التكنولوجيا الكبرى، بما في ذلك شركتا "غوغل" (Google) و"آبل" (Apple)، كجزء من تحركات بروكسل للحد من الممارسات المناهضة للاحتكار، حسب ما ذكرت صحيفة "الفايننشال تايمز" (Financial Times) أخيرا.
وتأتي العقوبة الإيطالية بعد سلسلة من الضربات تعرض لها عمالقة التكنولوجيا الأميركية في أوروبا في الأشهر القليلة الماضية، وبوجه عام تتّهم دول الاتحاد الأوروبي شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة مثل غوغل وآبل و"فيسبوك" (Facebook) وأمازون و"مايكروسوفت" ()Microsoft بـ5 تهم كبرى هي: عدم دفع ضرائب كافية، وخنق المنافسة، وسوء استخدام البيانات الشخصية، وسرقة المحتوى الإعلامي، وتهديد الديمقراطية بنشر أخبار كاذبة، حسب ما ذكرت منصة "فرانس 24" (france24) أخيرا.

خنق المنافسة
تتعرض الشركات الرقمية الأميركية العملاقة -التي يطلق عليها مجتمعة اسم "غافام" (GAFAM)- لانتقادات منتظمة للسيطرة على السوق من خلال طرد المنافسين والقضاء عليهم في مهدهم.
وفرض الاتحاد الأوروبي غرامات إجمالية قدرها 8.25 مليارات يورو على شركة غوغل بسبب إساءة استغلال موقعها المهيمن في السوق عبر العديد من منتجاتها.

وفي الشهر الماضي أقرّت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ غرامة على شركة غوغل قدرها 2.4 مليار يورو فُرضت في عام 2017 لإساءة استخدام سلطتها على منافسيها في التسوق عبر الإنترنت.

كما غرّم الاتحاد الأوروبي شركة مايكروسوفت 561 مليون يورو في عام 2013 لفرضها محرك البحث "إنترنت اكسبلورر" (Internet Explorer) على مستخدمي نظام التشغيل "ويندوز7".

أما أمازون وآبل وفيسبوك فهي أهداف لتحقيقات الاتحاد الأوروبي بشأن الانتهاكات المحتملة لقواعد المنافسة. وكشف الاتحاد الأوروبي أيضا عن خطط لغرامات ضخمة تبلغ 10% من المبيعات على شركات التكنولوجيا التي تنتهك قواعد المنافسة، وذلك قد يؤدي إلى تفكيكها.
الاتحاد الأوروبي قاد من خلال اللائحة العامة لحماية البيانات لعام 2018 حملة على شركات التقنية وأصبحت اللائحة منذ ذلك الحين مرجعا دوليا 
الضرائب
فازت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا بانتصار كبير في يونيو/حزيران الماضي عندما وافقت مجموعة الدول السبع (G7) على حد أدنى لمعدل الضريبة العالمي على الشركات بنسبة 15% على الأقل، يستهدف بشكل أساسي عمالقة التكنولوجيا التي كانت تدفع قليلا من الضرائب أو لم تكن تدفع على الإطلاق من خلال مخططات التهرّب الضريبي المعقدة.

وفي واحدة من أكثر الحالات شهرة، وجدت المفوضية الأوروبية في عام 2016 أن أيرلندا منحت "مزايا ضريبية غير قانونية لشركة آبل"، وأمرت الشركة بدفع 13 مليار يورو فضلا عن الفوائد لدافعي الضرائب الأيرلنديين.

وبعد أن حكمت محكمة في الاتحاد الأوروبي لاحقا لمصلحة شركة آبل، لجأت المفوضية إلى محكمة العدل الأوروبية للاستئناف.

وفي العام التالي، طُلب من أمازون سداد 250 مليون يورو إلى لوكسمبورغ بسبب انتهاكات مزعومة مماثلة هناك، وعلى الرغم من أن المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي ألغت ذلك في مايو/أيار من هذا العام، فإن محكمة العدل الأوروبية ستنظر في الاستئناف.

البيانات الشخصية
تُوجّه انتقادات لعمالقة التكنولوجيا بانتظام بشأن كيفية جمعهم للبيانات الشخصية واستخدامها. وقاد الاتحاد الأوروبي المسؤولية لكبح جماحهم من خلال اللائحة العامة لحماية البيانات لعام 2018، التي أصبحت منذ ذلك الحين مرجعًا دوليا.

وحسب هذه اللائحة، فعلى شركات التكنولوجيا أن تطلب الموافقة عند قيامها بجمع المعلومات الشخصية، ولا يجوز لها استخدام البيانات المجموعة من مصادر عدة لملفات تعريف المستخدمين بغير إرادتهم.

وغرّمت سلطات لوكسمبورغ شركة أمازون 746 مليون يورو في يوليو/تموز الماضي لانتهاكها قواعد حماية البيانات في الاتحاد الأوروبي.

وبعد تغريم "تويتر" (Twitter) ما يقرب من 500 ألف يورو، فتحت الهيئة التنظيمية الأيرلندية تحقيقا ضد شركة فيسبوك في أبريل/نيسان المنصرم عقب قرصنة البيانات الشخصية لـ530 مليون مستخدم.

كما فرضت فرنسا غرامة على غوغل وأمازون بمبلغ إجمالي قدره 135 مليون يورو لخرق القواعد الخاصة بملفات تعريف الارتباط الخاصة بالحواسيب.

الشبكات الاجتماعية متهمة بالفشل في كبح جماح المعلومات المضللة وخطاب الكراهية (شترستوك)
الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية
غالبا ما تُتّهم الشبكات الاجتماعية بالفشل في كبح جماح المعلومات المضللة وخطاب الكراهية. وقد وافق البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء على إجبار هذه المنصات على إزالة المحتوى الذي يتضمن ما يحضّ على العنف والكراهية بين الناس والشعوب، والقيام بذلك في غضون ساعة واحدة.

وتحظر قواعد الاتحاد الأوروبي الآن أيضا استخدام الخوارزميات لنشر المعلومات الكاذبة وخطاب الكراهية، وهو ما يُشتبه في قيام بعض المنصات الرئيسة بفعله بغرض زيادة عائدات الإعلانات.

دفع ثمن المحتوى
تتهم وسائل الإعلام "غافام" (GAFAM) بجني الأموال من المحتوى الصحفي من دون تقاسم الإيرادات.

ولمعالجة هذا الأمر، أنشأ قانون الاتحاد الأوروبي في عام 2019 شكلا من أشكال حقوق الطبع والنشر يسمى "الحقوق المجاورة"، من شأنها أن تسمح للمنصات والمواقع الإخبارية بالمطالبة بتعويض عن استخدام محتواها. وبعد مقاومة أولية، وقّعت غوغل اتفاقيات للدفع مقابل المحتوى مع العديد من الصحف الفرنسية العام الماضي، وهي الأولى من نوعها في العالم.

ومع ذلك، فإن هذا لم يمنع الشركة من فرض غرامة قدرها نصف مليار يورو من قبل سلطة المنافسة الفرنسية في يوليو/تموز لفشلها في التفاوض "بحسن نية" مع المؤسسات الإخبارية، وقد استأنفت الشركة هذا الحكم.

وما زالت المعركة مستمرة، وعلى أشدّها في الساحات الأوروبية ضد تغوّل شركات التكنولوجيا، ومحاولتها كسب الأموال الطائلة من دون أن تدفع أي شيء تقريبا في المقابل.