السبت 20 نيسان 2024

خاصة إن كان من ذوي الاحتياجات الخاصة.. كيف تعلمين ابنك التعامل مع المتنمرين؟


النهار الاخبارية - وكالات 

"التنمر" ظاهرة عدوانية وغير مرغوب فيها، تنطوي على ممارسة العنف والسلوك العدواني من قِبل فرد أو مجموعة أفراد نحو غيرهم، وهي تعبر عن افتراض وجود اختلال في ميزان القوى والسلطة بين الأشخاص، حيث إن الأفراد الذين يمارسون التنمر يلجأون إلى استخدام القوة البدنية أو التلاسن اللفظي للوصول إلى مبتغاهم من الأفراد الآخرين.

في الوقت الحاضر، يُعد سلوك التنمر مسألة مهمة تُحير المجتمعات ويُحاول العديد من الباحثين التحقيق فيها، ومحاولة تحديد المشكلة، وبالتالي منع ومكافحة التنمر في مجتمعاتهم.

إن التنمر في الطفولة هو أسوأ كابوس لدى كل والدَي طفل، ومع ذلك فإنه بالنسبة لكثير من الأطفال في جميع أنحاء العالم هو واقع يومي. تُشير بعض التقديرات إلى أن ما يقرب من نصف الأطفال الذين يذهبون إلى المدرسة يتعرضون للتنمر في مرحلة ما من الدراسة، وأن 50% من الأطفال من ذوي الإعاقة يتعرضون للمضايقات في المدرسة، وهم أكثر عرضة للتسلط من أقرانهم، ما يجعل هذا أكثر إثارة للخوف لدى والدي الطفل صاحب الإعاقة.

أشكال التنمر
النوع الأول: جسدي

ويتضمن التنمر البدني إيذاء جسد الشخص أو ممتلكاته، أو الضرب/الركل، القَرص، البصق، التعثر/الدفع، أخذ أو كسر أشياء شخص ما.

النوع الثاني: شفهي

ويتضمن المضايقات اللفظية، وهي قول أو كتابة الأشياء، وإطلاق الألقاب والصفات والتعليقات الجنسية غير اللائقة، والتهويل، والتهديد بإحداث الضرر.

النوع الثالث: اجتماعي

وهو الذي يشار إليه أحياناً باسم التنمر المرتبط بالعلاقات، ويتضمن إلحاق الضرر بسمعة شخص ما أو علاقاته، وإخبار الأطفال الآخرين بعدم الصداقة مع شخص ما، أو نشر شائعات حول شخص، أو إحراج شخص على الملأ.

ما دوافع التنمر لدى المتنمرين؟
قد تكون متمثلة في الظروف الأسرية أو المادية أو الاجتماعية التي عاشها المتنمر، وتأثره بالإعلام، أو يكون قد عانى من مرض عضوي ما أو نقص في الشكل الخارجي، أو ربما مجموعة من هذه العوامل كلها، التي قد تؤدى في النهاية إلى أن يعاني من: اضطراب الشخصية ونقص تقدير الذات، إدمان السلوكيات العدوانية، الاكتئاب والأمراض النفسية، ما تنعكس آثارها على الأشخاص الآخرين، خاصة الذين يبدو عليهم بعض الاختلافات عما هو معتاد.

هل الأطفال ذوو الإعاقة في خطر من قبل المتنمرين؟
رغم أن العديد من الأطفال قد يتعرضون للمضايقات في وقت أو آخر، فإن الأطفال من ذوي الإعاقة معرضون بشكل خاص لكونهم أهدافاً للعدوان المتكرر من أقرانهم، ويعود السبب في ذلك إلى كونهم ضحايا في المتناول، بسبب عدم قدرة البعض منهم على الكلام والتواصل مع الآخرين، وفي بعض الفئات الأخرى مثل الشخص ذي الإعاقة البصرية يكون غير قادر على معرفة من قام بالاعتداء عليه، وبعضهم للأسف لا يؤخذ بشهادته مثل الأطفال ذوي الإعاقة الفكرية، وقد يكون المتنمر هو نفسه ضحية للتنمر، لذلك يبحث عن ضحية سهلة لإسقاط هذا الشعور عليه.

إن التنمر لا يحدث فقط لأصغر طفل، بل يستهدف أولئك الذين يبدو أنهم أقل قوة أو ليسوا أقوياء، فغالباً ما يستهدف الأطفال الذين يمارسون التنمر على الآخرين الأطفال الذين يبدون مختلفين، على سبيل المثال الأطفال الذين يعانون من حالات طبية تؤثر على مظهرهم، مثل الشلل الدماغي وضمور العضلات، وهم أكثر عرضة للإيذاء من قِبل أقرانهم، وكثيراً ما يذكر هؤلاء الأطفال أنهم يُطلق عليهم ألقاب ذات صلة بإعاقتهم، وكذلك الأطفال الذين يعانون من شلل نصفي (شلل في أحد جوانب جسمهم)، هم أكثر عرضة من غيرهم من الأطفال في سنهم للتنمر من قبل أقرانهم، بناءً على أنهم أقل شعبية من أقرانهم، ولديهم أصدقاء أقل من الأطفال الآخرين. لذلك من الأرجح أن يتعرض الأطفال ذوو الإعاقة للتخويف والتنمر أكثر من الأطفال من غير ذوي الإعاقة.

"نظرة المجتمع لعيالنا بتدبحنا"
يشكو والد "أشرقت" قائلاً: "نظرة المجتمع لعيالنا بتدبحنا".

وكأن لفظ متلازمة داون أصبح تمييزاً عنصرياً لمن ينسب لهم، كما أن لقب منغولي "داون" أصبح كالسبِّ بين الناس، قال الله تعالى: (وَلَا تَنَابَزُوا بِالَألَقَابِ…).

وعليهِ، فإنه ينبغي علينا ألا ننظر إلى الأشخاص ذوي متلازمة داون كأنهم مختلفون، بل يجب أن ننظر إليهم بعين إنسانية مختلفة، تشملهم بالعناية واللطف والاحتواء. والمشكلة تبرز في الأهل والمجتمع معاً، حيث توجد صعوبة في تغيير الفكر لديهم، وتحفيزهم على تقديم المساعدة وتقبلهم لهم، هذه الفئة تحتاج إلى أن تشعر بأن لهم قيمة كالآخرين كي يتقبلوا هم أيضاً أنفسهم.

ارتقاء الفكر يُبادر في حل الأزمة
تخبرنا التجارب أنه كلما بادر الوالدان في التخلص من مشاعر الحرج من مصاحبة الطفل في الأماكن العامة، وأعدا أنفسهما لمواجهة أي فعل قد يصدر من المجتمع نحو الطفل، ساهم ذلك في حل الأزمة بأقل الخسائر، وقبل تفاقمها. فمن أدني حقوق الطفل أن يراه العالم وينفتح عليه ليكوِّن خبرات ويتعلم بعض القيم الحياتية، ولا يُحرَم من أن يستمتع كأي فرد آخر بسبب نظرة المجتمع العقيمة، وهنا يجب على الأهل أن يغيروا من طرق تفكيرهم وتعاملهم، والبحث عن كل الوسائل، وسلوك الطرق المؤدية لحل المشكلة، فتقبل حالة الطفل بنفس راضية من أهم أدوار الأهل تجاه طفلهم.

الوقاية من التنمر
1- شرح التنمر ومفهومه وأشكاله وخطورته:

الأطفال لا يعرفون دائماً عندما يتعرضون للتخويف والتنمر، قد يشعرون بالسوء، لكن لا يعرفون كيف يتحدثون عن ذلك، لذا يحتاج الأطفال ذوو الإعاقات وخاصةً الذين تؤثر الإعاقة على طريقة تفكيرهم أو تعلمهم أو تفاعلهم مع الآخرين إلى شرح مفصل جداً حول كيفية التعرف على التنمر عند حدوثه معهم أو مع الآخرين، ونحتاج إلى تعليمهم كيفية الرد إذا تعرضوا للتنمر من أحد.

2- تعليم الطفل ماذا يفعل:

يحتاج الأطفال إلى المساعدة في تعلم ما يجب القيام به لحماية أنفسهم من التنمر ومساعدة الآخرين الذين يتعرضون للتخويف والتسلط والتنمر. قد يحتاج إلى تعليمات محددة جداً تم تصميمها خصيصاً له، مثل تمثيل الدور، والتعبير من خلال دمية، والتعبير بالرسم، أو أي وسيلة إيضاحية عند وقوع التنمر عليه، خاصةً إذا كانت لديهم إعاقات تؤثر على كيفية تفكيرهم أو تعلمهم أو التفاعل معهم ليتم تشجيعهم على التواصل دائماً مع شخص بالغ، والتعرف على المواقف التي يحدث فيها التنمر وتجنبها. قد لا يعرف الأطفال دائماً متى كانوا يمارسون التسلط على طفل آخر. قد يحتاج الأطفال الذين تؤثر إعاقتهم على التفكير أو التعلم أو المهارات الاجتماعية على مساعدة إضافية في تعلم كيفية التعبير عن أنفسهم فيما يتعلق بالآخرين، لذا يجب تعليمهم كيف يُعبر عن سلوك التنمر الواقع عليهم.

3- التنسيق المستمر بين الأهل والمدرسة:

إن الحوار مع إدارة المدرسة والمعلمين وزيادة الوعي أمر مهم، لكن هذا قد لا يكفي وحده، فيجب على الآباء أن يكونوا سبّاقين في كفاحهم للحفاظ على أمان أطفالهم، ولجأ بعض أهالي الأطفال ذوي الإعاقة إلى الاستعانة ببعض التطبيقات الذكية من أجل الحفاظ على أمان أطفالهم مثل برنامج "Angel Sense".

هذا التطبيق يسمح للوالدين بمعرفة مكان وجود طفلهما في الوقت الفعلي والحصول على تنبيهات فورية في حالة تعرض طفلهما للتنمر، بالإضافة إلى أنه يسمح للأهل بالاستماع والتحدث مع أطفالهم في أي وقت، وبالتالي مساعدة أطفالهم كلما كانوا في أمسّ الحاجة إليهم؛ إذ يُعد أولياء الأمور والمُعلمون وغيرهم من البالغين من أهم خطوط الدفاع والحماية التي يتمتع بها الطالب ذو الإعاقة، ومن المهم أن يعرف البالغون كيفية التعامل والتحدث مع الأشخاص في حالة حدوث التنمر.

يستطيع بعض الأطفال التحدث إلى البالغين حول أمورهم الشخصية، ولديهم الاستعداد لذلك، لكن بعضهم يتردد في الحديث عن هذا الأمر، وهناك أسباب كثيرة لذلك، فقد يكون الطالب المُتنمر هددهم بشأن الحديث مع أحد، أو أن الطالب نفسه يخشى من تفاقم الوضع، واستمراره إن أخبر أحداً، عند التحضير للحديث مع الطفل حول التنمر، يجب على الوالدين أو المُعلم الاستعداد للتعامل مع أسئلة الطفل وعواطفه وكيفية استجابتهم للوضع، كما يجب أن يكونوا مستعدين للاستماع لهم دون إصدار الأحكام، ما يوفر للطفل مكاناً آمناً لممارسة مشاعره.

4- تكوين صداقات مع الآخرين:

50 % من حالات التنمر تتوقف عندما يتدخل أحد الأصدقاء، أغلب الأطفال لا يُحبون رؤية حوادث التنمر، لكنهم لا يعرفون ماذا عليهم فعله عندما يحدث الأمر. إن دعم الأصدقاء يُعد طريقة فريدة وفعالة تُمكن الأطفال من حماية هؤلاء المستهدفين من قِبل المتنمرين.

5- الدفاع الذاتي:

من المهم إشراك الطفل في اتخاذ القرار والتخطيط والدفاع الذاتي. يعني أن يكون الطفل ذو الإعاقة مسؤولاً عن إخبار الناس بما يريدونه ويحتاجونه بطريقة مباشرة.

والدفاع الذاتي هو معرفة كيفية:

– التحدث عن النفس.

– وصف نقاط ضعفك، وقوتك، واحتياجاتك، ورغباتك.

– تحمل مسؤولية نفسك.

– التعرف على حقوقك.

– الحصول على المساعدة، أو معرفة من عليه أن يسأل إذا كان لديه سؤال.

6- كيفية الرد على المواقف وتعليم الطفل فنون الرد:

إذا تعرض الطفل من ذوي الإعاقة للتنمر فاستمع له، وعلّمه كيف يقابل هذه الإساءات، هذه المشاركة تساعدهم على إدراك أن هناك من هو على استعداد للاستماع، واتخاذ الخطوات، وطمأنتهم بأن آراءهم وأفكارهم مهمة.

7- تقوية الوازع الديني للأفراد، وتقوية العقيدة لديهم منذ الصغر.

8- زرع الأخلاق الإنسانية في قلوب الأطفال، كالتسامح والمساواة والاحترام والتواضع والتعاون ومساعدة الضعيف.

9- الحرص على تربية الأبناء في ظروف صحية بعيداً عن العنف والاستبداد.

10- متابعة البرامج التعليمية والدينية والوثائقية الهادفة، وتجنب البرامج العنيفة وعلى الأهل اختيار الإعلام المناسب لأطفالهم.

11- بناء علاقة صداقة مع الأبناء منذ الصغر والتواصل الدائم معهم، وترك باب الحوار مفتوحاً دائماً؛ لكي يشعروا بالراحة للجوء للأهل.

12- متابعة السلوكيات المختلفة للأبناء في سن مبكرة، والوقوف على السلوكيات الخاطئة ومعالجتها.

13- تجنب الفراغ واستثمار الطاقات والقدرات الخاصة للأفراد، بالبرامج والأنشطة التي تعود عليهم بالنفع.

14- الاستماع إلى المعلمين والمرشدين الاجتماعيين والنفسيين في المدارس، والحرص على اللقاءات الدورية معهم والأخذ بآرائهم.

15- على الحكومات ومنظمات حقوق الإنسان ومؤسسات حماية الأسرة والأطفال إطلاق حملات توعية حول "التنمر"، ولجميع الأعمار، حول سلوك التنمر وأشكاله وطرق التعامل معه والوقاية منه، ويتوجب عليها أيضاً: وضع قوانين صارمة لمعاقبة ممارِسي التنمر بأشكاله كافة.

هناك عدة أمور يجدر مراعاتها عند التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، منها:
1- عدم افتراض أو تخمين احتياجاتهم أو مشاعرهم، والتصرف نيابة عنهم. وفى حال الجهل بطريقة تقديم الخدمة أو المساعدة يجب سؤال صاحب الحالة.

2- تجنب تقديم المساعدة قسراً دون طلب من صاحبها.

3- عدم الشعور بالاستياء في حال تم رفض المساعدة، فبعض ذوي الاحتياجات الخاصة يرغبون في خدمة أنفسهم دون تدخل أشخاص آخرين.

4- بالإضافة إلى وجوب التعامل معهم بشكل طبيعي، دون رفع الصوت والتحدث ببطء، ما يتسبب في جرح مشاعرهم وإحساسهم بأنهم غير طبيعيين.

إنه لمن المحزن التفكير في أن الأطفال ذوي الإعاقة يعانون من سوء المعاملة من أقرانهم!

من المرجح أن يكون للتنمر عواقب على مدى الحياة بالنسبة للأطفال ذوي الإعاقة، ويؤثر ذلك على تعلمهم ومشاركتهم الاجتماعية ورفاهيتهم كبالغين، لذا ينبغي أن تأخذ التدخلات نهجاً شاملًا لكافة المجالات، إذا كنا جادين في زيادة المشاركة وتحسين الحياة للأطفال ذوي الإعاقة فنحن بحاجة إلى التحرك الآن لمنع تجاربهم في التنمر، فعندما يتعرض الأطفال ذوو الإعاقة للتنمر، هم يعتقدون أنهم الوحيدون الذين يمرون بهذه التجربة، ولا أحد يهتم بهم، ولكن الحقيقة عكس ذلك، فهناك العديد من الأفراد، والمجتمعات، والمؤسسات التي تهتم بهم، ومهمة وقف التنمر لا يُمكن أن تقتصر على شخص واحد، وبالتأكيد هي ليست مسؤولية الأطفال لتغيير ما يحدث لهم.

وأخيراً
لا أحد يستحق أن يتعرض للتنمر! الجميع يستحق أن يُعامل باحترام وتقدير وكرامة مهما حدث، والجميع يتشارك المسؤولية ولديه دور يؤديه، سواء كانت البيئة المحيطة أو المدارس أو أولياء الأمور أو المُعلمين أو المجتمع، فعليهم جميعاً العمل معاً للتغيير الإيجابي نحو الأفضل؛ ولذلك يجب التنويه إلى حق ذوي الاحتياجات الخاصة في المساواة مع أقرانهم الأصحاء، ومنع أي مظهر من مظاهر التنمر ضدهم، مع توفير الدعم النفسي والمادي لهم للتغلب على ما يواجهونه، مع نشر التوعية اللازمة بحقوقهم، وبعدم ممارسة أي سخرية ضدهم. أيضاً يجب العمل على دمجهم في كل المؤسسات لتعزيز الروابط وجعله مجتمعاً متماسكاً لا يُقصِي أي فئة، بل يضمّ إليه كل الأطياف، فكلُّ إنسان ميسر لما خُلق له.