الخميس 25 نيسان 2024

تقارير وتحقيقات

هل يستطيع مجلس النواب الجديد إنقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي وإعادة الثقه المفقوده للبنانين


 النهار الاخباريه بيروت - احمد عثمان

أفرزت نتائج الانتخابات النيابية في لبنان معادلة جديدة هذه المرة، حيث فقدت كل القوى السياسية الكبيرة على اختلافها الأغلبية البرلمانية، وبات المجلس يتكون من مجموعات صغيرة لا يمكن لأحدها أن تحكم بمفردها.
وخسر "حزب الله" كتلة الأغلبية في البرلمان اللبناني، والتي ظل يحملها على مدار سنوات طويلة، وحصد ما يطلق عليهم بـ "التغييرين أو الإصلاحيين أو قوى الثورة"، ما يقارب من 10% من مقاعد البرلمان.
ووسط آمال اللبنانيين المعقودة على البرلمان الحالي، وفي خضم تفاؤل الكثير من السياسيين من نتائج الانتخابات الأخيرة والتي خرقت المألوف، يرى البعض أن عدم نجاح الكتل السياسية على تشكيل أغلبية برلمانية قد تقود لبنان إلى فراغ دستوري.

وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتردية في لبنان، طرح البعض تساؤلات بشأن إمكانية أن يسهم البرلمان الحالي في إنقاذ لبنان من الانهيار، عبر اختيار حكومة تكنوقراط قادرة على قيادة المرحلة الحرجة.

من جانبه، قال رمضان  عبد الكريم  الناشط السياسي اللبناني، إن لبنان جرب الأكثريات في المجلس النيابي، عندما حصلت عليه قوى 14 مارس/ آذار لم يسمح لها فريق "حزب الله" التفرد بالحكم، وأصروا على المشاركة في الحكومة، وكذلك عندما حصل فريق 8 مارس على الأغلبية النيابية لم يتمكن من وقف الانهيار والفساد، وشكل حاجزا منيعًا أمام التواصل اللبناني العربية وأدت سياساته غير الحيادية لقطيعة مع الدول العربية.
وفى تصريحه  للنهار الاخباريه  ، "ليس بالضرورة أن تكون الأكثرية هي ضمان لتقدم وتطور وازدهار الوضع، الذي يسمح بوقف الانهيار هو إرادة اللبنانيين، وإرادة البرلمان اللبناني والزعامات السياسية والأحزاب الكبيرة في لبنان".

وأكد أن البرلمان الحالي مزيج وخليط من كافة الكتل، وهذا طبيعي ومطلوب، حيث دخلت وجوه جديدة تمثل المزاج الشعبي اللبناني، ورؤية ثورة 17 أكتوبر/ تشرين الأول حتى تشكل صمام أمان للعبة السياسية داخل البرلمان اللبناني.

ويرى رمضان عبد الكريم  أن هذه الشريحة الواسعة والتي قد تصل لثلث البرلمان من سياديين ومعارضيين وثوار، يمكنهم التعاون فيما بينهم على الأقل لوقف أبواب الهدر ومنع تدخل السياسة في التشريعات والقوانين، ومن أجل الرقابة على الحكومة، وقد يشاركوا في تشكيل حكومة تكنوقراط من الاختصاصيين لوقف الانهيار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.

وأوضح أن هذه الفئة الشابة ستضخ دماء جديدة وأسلوبًا جديدا للعمل البرلماني، والشعب اللبناني يعول على هذه المجموعة من النواب الجدد، والأمل كبير في أن يعيدوا لبنان إلى السكة الصحيحة ويساهموا في إنشاء جسور التلاقي بين اللبنانيين وإخوانهم العرب والعالم.
واستطرد: "يمكن للنواب الجدد التفاوض مع باقي الكتل على صيغة متكاملة من الإصلاحات وآلية حكم جديدة تتمثل في اختيار رئيس مجلس نيابي وفق البرنامج المطروح، ووفق الالتزام بالنظام الداخلي للمجلس النيابي، والاتفاق على حكومة وبرنامجها الإنقاذي، والفترة الحالية يبدأ العمل لاختيار رئيس جمهورية يساهم بشكل فاعل في انتشال لبنان مما وصل إليه".

ومن جهته  قال   الناشط  السياسي  نادر  عبد  الله   للنهار  الاخباريه  إن اللعبة الديمقراطية يجب أن يكون فيها موالاة ومعارضة، أكثرية تحكم وأقلية تعارض، وهذا هو المطلوب العودة له في لبنان بعد غياب لفترات طويلة، مؤكدًا أن فكرة حكومة الوحدة الوطنية التي تمثل كل الأطياف غير مجدية وأثبتت فشلها، حيث فشلت كل الحكومات التي اعتمدت على الديمقراطية التوافقية.
وشدد على ضرورة العودة لفكرة العمل البرلماني التشريعي الذي يراقب أداء الحكومة ويحسابها عليه، وضرورة محاسبة الفاسدين الذين سرقوا أموال الشعب وأوصلوا البلاد لهذه المرحلة من الفساد والتراجع.
بدوره اعتبر المحلل السياسي اللبناني ابراهيم حيدر  أن مجلس النواب الآن موزع بين مجموعة تكتلات، ولا يوجد أغلبية لأي تيار سياسي، ولحد الآن ليس هناك أي حوار جدي من أجل تشكيل أكثرية فاعلة تستطيع أن تقود المرحلة السياسية الحالية.

وأشار  المحلل حيدر  أن "هذا الوضع يعطي نوعًا من عدم الاستقرار في الحياة السياسية، وهذا يعني استمرار الحكومة الحالية بتصريف الأعمال مع صلاحيات أقل من العادي، وتبقى الحكومة غير فاعلة".

وتابع: "بعد 6 أشهر سيكون هناك انتخابات لاختيار رئيس الجمهورية، وإذا لم يكن هناك تفاهم جدي من أجل توفير أغلبية برلمانية يعني بأن لبنان قد يدخل في حالة من الفراغ الدستوري والفوضى".

ويرى  حيدر  أن المجلس النيابي كما هو الآن لا يستطيع أن يحقق الإنقاذ المطلوب للبنان أو حل المشاكل الاقتصادية، لأن البنك الدولي طلب مجموعة من الإصلاحات لا يمكن أن تنجزها إلا حكومة شرعية تملك الأكثرية وهذا غير وارد حتى الآن.

وخسرت جماعة "حزب الله" أغلبيتها الائتلافية البرلمانية في انتخابات أسفرت عن مكاسب كبيرة لخصومها، حسبما أظهرت النتائج النهائية.

وتنافست في الانتخابات التشريعية 103 قوائم انتخابية تضم 718 مرشحا موزعين على 15 دائرة انتخابية، لاختيار 128 نائبا في البرلمان.

وتجري الانتخابات البرلمانية في لبنان كل أربع سنوات، لانتخاب برلمان مؤلف من 128 عضوا يتوزعون مناصفة بين المسلمين والمسيحيين (64 للمسلمين و64 للمسيحيين)، وفق نظام معمول به منذ اتفاق الطائف عام 1989.

وينتظر أن ينتخب المجلس الجديد رئيسا جديدا للبلاد، خلفا لميشال عون، الذي يشغل هذا المنصب، منذ عام 2016، والذي تنتهي ولايته، في نهاية تشرين الأول/أكتوبر المقبل.

وتُجرى الانتخابات في ظل معاناة لبنان من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، والتي وصفها البنك الدولي بأنها "الأكثر حدة وقسوة في العالم.