الجمعة 3 أيار 2024

تقارير وتحقيقات

من لعب دور صاعق التفجير في لبنان؟



النهار الاخباريه  بيروت

اختلطت دماء العكارين  مع بعضها البعض فتلك المنطقة التى تعرف بخزان الجيش تعرضت لمجزرة حقيقه  بسبب التقصير 
 وبغض النظر عن العنصر الذي لعب دوراً صاعقاً في التفجير، فإن مجموعة من العوامل اجتمعت، فأزهقت حياة أبناء عكار العطشى إلى جرعة بنزين.
ومنذ أشهر، تعيش المحافظة حالة من التناقض بين ما يعيشه الأهالي من ضيق بسبب شح المحروقات، وانتظام عمليات تهريب البنزين والمازوت إلى الجارة سوريا. 

ولم يفلح تبادل الجهات السياسية والأمنية الاتهامات في تحديد مسؤولية التهريب ولم يسفر سوى عن زيادة في التوتر. ولم يتحرك أحد لمنع القوافل من العبور نحو وجهتها خلف الحدود، إلا مجموعات ممن وُصفوا بالمشاغبين  الذين حاولوا مراراً وتكراراً لفت الأنظار إلى ما يجري من خلال عرقلة طريق المهربين. كما تحتضر الحركة الاقتصادية في المحافظة التي تركتها الدولة رهينة السوق السوداء والمحتكرين. وجاء ما جرى فجر يوم  15/8/2021 في
 التليل عكار ليفضح ما تتعرّض له المنطقة من تهميش مزمن، فهي لا تتضمن قسماً طبياً مهيئاً لمداواة الحروق، كما لا تمتلك عربات إطفاء وإسعاف حديثة، 

وإن وُجدت فليس فيها بنزين، ويطول سرد المعاناة من سلطة المحتكرين وأعوانهم.  

من لعب دور صاعق التفجير؟
لم تستفِق عكار بعد من هول الكارثة التي أوقعت في حصيلة أولية 28 ضحية و79 جريحاً وعدداً من المفقودين. وحتى اللحظة، لا توجد رواية واضحة لما حدث، فقيادة الجيش اللبناني أفادت بأنه "قرابة الساعة الثانية فجراً، انفجر خزان وقود داخل قطعة أرض تُستخدم لتخزين البحص في بلدة التليل – عكار، كان صادره الجيش لتوزيع ما بداخله على المواطنين، مما أدى إلى سقوط عدد من الإصابات بين مدنيين وعسكريين. وأُوقف صاحب قطعة الأرض التي انفجر فيها خزان الوقود للتحقيق معه".
وقال رئيس بلدية التليل جوزيف منصور إن وراء الحادثة "تلاسناً بين عدد من الشباب لاقتناص المازوت، فأشعل أحدهم  قداحة ووقع الانفجار"، نافياً حدوث إطلاق نار من أي طرف، ومطالباً بانتظار التحقيقات لحسم الرواية الصحيحة لأن "وضع عكار مقلق".
في المقابل، تحدث شهود عيان عن وميض أحمر كبير، تبعه صوت انفجار. فيما ذكر آخرون أن إطلاق نار من قبل تابعين لصاحب الخزان تسبب بإشعال حريق في إحدى الشاحنات التي انفجرت، وأودت بحياة عدد كبير من المتجمهرين في المكان. أمام اختلاف الروايات، تقع على القوى الأمنية مسؤولية تقديم رواية رسمية واضحة حول حقيقة دعوة المواطنين لتوزيع البنزين المجاني عليهم وعملية تنظيم الجمهرة وكيفية وقوع الانفجار.
حالات الجرحى حرجة
وعجزت مستشفيات عكار عن استقبال كامل الجرحى والمصابين لأنها غير مجهزة ، كما أنها تعاني على غرار سائر المستشفيات اللبنانية نقص المعدات الطبية. لذلك عملت فرق الصليب الأحمر اللبناني والهيئة الطبية الإسلامية على نقل المصابين إلى مستشفيات طرابلس وبيروت. ودعت وزارة الصحة اللبنانية المستشفيات إلى استقبال الضحايا والجرحى على نفقتها. وبدأت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمساعدة المستشفيات وتأمين حاجاتها، فوزّعت المعدات الطبية على المؤسسات التي تستقبل المصابين.
وضاقت باحات مستشفى السلام طرابلس، المتخصص في معالجة الحروق، بصرخات الأهالي، فيما امتلأت غرف العلاج بالجرحى. ومنذ الساعة الثالثة فجراً، يعمل الفريق الطبي على إسعاف هؤلاء. يؤكد الطبيب صلاح إسحاق أن "المستشفى استقبل 30 جريحاً، فارق أحدهم الحياة بالرغم من المحاولات الحثيثة لإنقاذه". وكشف عن أن جميع الإصابات التي وصلت إلى المستشفى بليغة للغاية، وتتراوح بين درجة احتراق من 50 إلى 90 في المئة. وأضاف أن "المستشفى استخدم كل ما لديه من مستلزمات طبية ومواد في العلاج التي استُنفذت كافة، وهو بحاجة لتزويده بصورة طارئة بها لاستمرار العلاج".  
وأكد المدير الطبي لمستشفى الجعيتاوي الطبيب ناجي أبي راشد، وصول 12 مريضاً إلى المستشفى، بينهم اثنان في حالة حرجة، وأشار إلى أن المستشفى تنقصه الأدوية والمستلزمات الطبية الكافية، بالتالي لا قدرة لديه على الاستيعاب الإضافي. 
وشبّه أحد المواطنين العكاريين الذي كان موجوداً في مكان الانفجار المشهد بـ"المحرقة"، فيما علّق آخر "الضحايا الذين توفوا ارتاحوا، أما الصعوبة فتكمن في مساعدة المصابين بالحروق البليغة، بسبب عدم وجود دواء لهم، أو المضادات الحيوية، وثمن إصبع المرهم 180 ألف ليرة". 
الاحتجاجات تتصاعد
إلى حين تقديم رواية ذات صدقية، تملأ صرخات الأنين والغضب عكار، ويعتقد أن ما انفجر هو رأس جبل الجليد، فيما يتوعد المحتجون بردود فعل قاسية تتناسب مع ما حدث. وهاجم المحتجون منزل صاحب الأرض حيث خُزّن البنزين بصورة مموهة، وأحرقوه إضافة إلى مجموعة من السيارات والشاحنات الموجودة في الساحة فيما لم تصدر بعد رواية رسمية تؤكد اتهام صاحب المنزل بالمشاركة في التهريب.

ويبدو أن الاحتجاجات هذه المرة لن تقتصر على قطع الطرقات، بل من المتوقع أن تتطور إلى أعمال عنيفة لإسماع الصوت بعدما تكررت الحوادث الكارثية في المنطقة من دون أن تلتفت الدولة إليها، وليس آخرها احتراق غابات عكار وأحراجها الممتدة من القبيات إلى عندقت وأكروم.
في مقابل الغضب الشعبي العكاري، بدأ التراشق بالمسؤولية عن الانفجار بين تيارَي المستقبل الذي يرأسه سعد الحريري، والوطني الحر الذي يقوده جبران باسيل، إذ تبادل الطرفان الاتهام بتغطية عمليات تهريب الوقود إلى سوريا ومسؤولية الانفجار.

بعيداً من تبادل الاتهامات السياسية والخطابات العالية التي من أهدافها طمس حقيقة ما حدث في عكار، فإن هناك حسّاً مشتركاً في المنطقة بتواطؤ رسمي أدى إلى سيل من الدماء في التليل. فإن المطلوب حالياً الإسراع في التحقيقات لإظهار حقيقة ما جرى.