الجمعة 29 آذار 2024

تقارير وتحقيقات

من السكون إلى الإعصار.. كيف تُقاس قوة الرياح، ومتى يمكنها تدمير المباني والمنشآت بشكل كامل؟


النهار الاخباريه قسم التحليل
أثارت مشاهد الدمار التي تسببت بها عاصفة الرياح القوية التي ضربت عدة ولايات في تركيا أبرزها إسطنبول منذ صباح الإثنين 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، دهشة كبيرة بين رواد منصات التواصل الاجتماعي من مختلف مناطق العالم، حيث انتشرت مقاطع فيديو "مروّعة" أظهرت اقتلاع الرياح لعدد من أسقف وواجهات المنازل والمحال التجارية والأشجار وأعمدة الكهرباء، وانقلاب سيارات وشاحنات، بالإضافة إلى انهيار برج الساعة الذي يقع عند مدخل المنطقة الحرة في إسطنبول.

وتسببت تلك الرياح العاتية التي وصفت بـ"غير المسبوقة" في تركيا بوفاة 5 أشخاص وإصابة عشرات آخرين، في حين تم وقف حركة السفن في بحر مرمرة ومضيق البسفور، وتعطلت العديد من الرحلات الجوية بسبب عدم تمكن الطائرات من الهبوط في مطاري إسطنبول وصبيحة، بسبب شدة الرياح، والتي تراوحت قوتها بحسب هيئة الأرصاد الجوية من 70 إلى 100 كم/الساعة.

وفي. هذه المادة، سنحاول شرح طريقة قياس قوة الرياح، وأنواعها المختلفة، وحجم الظواهر المرافقة لكل مرحلة من مراحل سرعته


يعرّف العلم الرياح بأنها تلك الكتلة الهوائية التي تتحرّك بشكلٍ أفقي بسرعة معينة، وتنجم حركة الرياح عن وجود فروقات في الضغط الجوي؛ إذ تبدأ الرياح بالتحرك بحركةٍ تسارعيّةٍ تنازلياً من المناطق ذات الضغط المرتفع نزولاً إلى مناطق الضغط المنخفض، فينتج عن ذلك حدوث انحراف في حركتها.

والرياح هي حركة الهواء الناتجة عن التسخين غير المتكافئ للأرض بفعل الشمس، إذ تتوزع الحرارة الصادرة من الشمس إلى سطح الأرض بصورة متفاوتة، فالأشعة الشمسية تعمل على تسخين الهواء الملامس والقريب من اليابسة بمعدل أعلى مما هو عليه فوق التجمعات المائية مثل البحار والمحيطات.

ويمكن تفسير ذلك بأن الحرارة النوعية للماء أكبر من الحرارة النوعية لليابسة أي أن كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة كتلة من الماء أعلى من الكمية اللازمة لرفع كتلة من اليابسة، وبالتالي تصبح كثافة الهواء على اليابسة أقل مما هي عليه فوق التجمعات المائية؛ لأن الهواء الدافئ أخف وزناً مقارنة بالهواء البارد.

وتؤدي هذه الفروق الحرارية بين طبقات الأجزاء السفلى والعليا للغلاف الجوي أثناء النهار إلى توليد طاقة قادرة على تحويل القدرة الحرارية الناتجة عن سقوط أشعة الشمس إلى قدرة حركية تمتلكها جزئيات الهواء، وتتمثل هذه القدرة الحركية بانتقال الهواء الدافئ الموجود أعلى اليابسة إلى طبقات الجو ذات الضغط المنخفض ليحل مكانه الهواء البارد الملامس لمياه البحار والمحيطات.

ويحدث عكس ذلك عند غياب أشعة الشمس أي في أثناء الليل، حيث يظهر الهواء الملامس لسطح الأرض أكثر برودة مقارنة بالهواء على سطح البحار والمحيطات. وينتقل الهواء من خط الاستواء إلى قطبي الأرض الشمالي والجنوبي؛ بسبب اختلاف مستويات الضغط الجوي، حيث تتعرض المناطق الواقعة على خط الاستواء إلى معدل أعلى من الحرارة الصادرة من الشمس مقارنة بالمناطق القطبية، وبالتالي يسخن الهواء القريب من سطح الأرض في المناطق الاستوائية وتقل كثافته؛ لينتقل الهواء من مناطق الضغط المرتفع كالمناطق الاستوائية إلى مناطق الضغط المنخفض كالقطبين.

كيف يتم تحويل الرياح إلى طاقة وما أهميتها؟
تعتبر طاقة الرياح طاقة مستخرجة من الطاقة الحركية للرياح بواسطة استخدام توربينات لإنتاج الطاقة الكهربائية، وهي تعتبر من أنواع الطاقة الكهروميكانيكية.

واستغل الإنسان طاقة الرياح منذ القدم في تشغيل طواحين الهواء، وساعدته على رفع المياه من الآبار، كما استخدم القدماء الرياح في عمليات النقل من خلال بناء السفن والطائرات الشراعية التي تعتمد بشكل أساسي على قوة وحركة الرياح.

وفي الآونة الأخيرة أصبحت الرياح مصدر هام لتوليد الطاقة الكهربائية في بعض الدول المتقدمة، إذ تستخدم توربينات الرياح لغايات استغلال الطاقة الريحيّة في إنتاج الطاقة الكهربائية، كما تستخدم طواحين الهواء في إنتاج الطاقة الميكانيكيّة وتوليدها، كما تستغل الرياح في تحريك أشرعة السفن وضخ المياه بواسطة مضخات الرياح الخاصة بذلك. 


طاقة الرياح في الدنمارك/ wikimedia commons
تمتاز الرياح بأنه يمكن العثور عليها في نطاق واسع فوق سطح الكرة الأرضية، وهي من أكثر أنواع الطاقة نظافةً وصداقة مع البيئة، ونظراً لما تتمتع به الرياح من أهمية بالغة فقد تمّ إنشاء مزارع خاصة بالرياح التي تحتوي على المئات من التوربينات الرياح، وتتمثل أهميتها الكبرى بانخفاض تكلفتها ونظافتها، أما فيما يتعلق بأنواع الرياح، فإن البحرية تعتبر أكثر ثباتاً وشدة من البرية. 

وتعّد كل من الدنمارك والمملكة المتحدة وألمانيا أكثر دول العالم استغلالاً واستهلاكاً لطاقة الرياح؛ حيث تعتمد الدنمارك على سبيل المثال على توليد ثلث احتياجاتها من الطاقة الكهربائيّة على طاقة الرياح.

كيف يمكن قياس سرعتها؟
تشير خاصية سرعة الرياح إلى المسافة التي تقطعها الرياح خلال وقت معين، وكلما زادت سرعتها زادت قوتها وشدتها، وتقاس سرعة الرياح باستخدام جهاز قياس سرعة الرياح أو شدة الرياح، ويسمى أيضاً كوب مقياس شدة الرياح Anemometer، إذ يتألف من ثلاثة أو أربعة أكواب ثبتت بشكل متشابه بزوايا قائمة على محور عمودي.

تعتمد طريقة قياس شدة الرياح في ذلك الجهاز على أنَّ شدة الرياح على سطح الأكواب الداخلي أكبر منها على السطح الخارجي، وهذا يؤدي إلى تدوير الكؤوس، وسرعة دوران الأكواب يدل على سرعة الرياح وشدتها، ويتناسب معدل الدوران مع سرعة الرياح طردياً.


جهاز Anemometer لقياس سرعة الرياح/ nationalgeographic
ما أنواع الرياح؟
تتنوع الرياح تبعاً لمصدرها واتجاهها إلى أنواع مختلفة، ويتم تقسيمها إلى ثلاثة أقسام كما يلي: 

1- الرياح الدائمة، ومنها: الرياح التجارية، والرياح العكسية أو الغربية، بالإضافة إلى الرياح القطبية.

2- الرياح الموسمية: وهي الرياح التي تتشكل بمواسم محددة، وغالباً ما تتكوّن في فصل الصيف وتكون محمّلة بالأمطار، وفي فصل الشتاء تنتقل هذه الرياح نحو المناطق التي تتميّز بجفاف شديد وبرودة قارسة مثل المناطق الصحراوية.

3- الرياح المحلية: وهي الرياح التي يكون تأثيرها محلي وعلى منطقة محددة الاتساع على سطح الأرض، كما تهب في فترات زمنية قصيرة، وتتنوع هذه الرياح إلى أشكال مختلفة، مثل: الرياح الخماسينية، ورياح السَموم، ونسيم الجبل، ونسيم الوادي، ونسيم البر والبحر.

من السكون إلى الإعصار.. ما مراحل قوة الرياح؟
يُعتمد على مقياس بوفورت في قياس سرعة الرياح وقوتها، وسلّم بوفورت يستخدم لمعرفة سرعة الرياح -عند مستوى 10م فوق سطح الأرض- استناداً 
إلى درجة فعالية الرياح في تأثيرها على بعض المظاهر العامة الموجودة فوق سطح الأرض والخاضعة لتأثيرها، ويتألف هذا المقياس من 12 درجة – بالإضافة إلى درجة السكون – وذلك بدءاً من الهواء الخفيف (درجة أولى) وانتهاءً بالإعصار المدمر من نوع الهوريكان (درجة 12).

وقد وضع هذا المقياس العالم الفيزيائي البريطاني والمستكشف فرانسيس بوفورت عام 1905، وعدله في عام 1926. وتستخدم وحدة القياس "العقدة" في قياس قوة وسرعة الرياح، وتساوي العقدة الواحدة نحو 1.8 كيلومتر، وتصنّف الرياح وفقاً لقوتها على النحو التالي