السبت 27 نيسان 2024

تقارير وتحقيقات

رغم هزيمته قبل 4 سنوات... لماذا يظل "داعش" مصدر تهديد للأمن العراقي


النهار الاخباريه  وكالات

 
رغم مرور أكثر من 4 سنوات منذ إعلان العراق عن هزيمة "داعش" في ديسمبر/ كانون أول 2017 الماضي، إلا أن عمليات التنظيم لم تتوقف وكذا العمليات العسكرية المستمرة من قبل الجيش العراقي.

بداية، يقول رئيس مركز الاعتماد للدراسات والبحوث الأمنية في العراق، الدكتور عماد علو، إن ما أقدم عليه تنظيم داعش "المحظور في روسيا" من استهداف مزارعين أبرياء بواسطة إطلاق نار عليهم وقتل 6 أشخاص، هو استغلال للظروف المناخية وانعدام الرؤية نتيجة العواصف الترابية التي باتت شبه أسبوعية.

تمويل التنظيم

وأضاف في حديثه لـلنعار الاخباريه ، أن التنظيم يريد تحقيق عدة أهداف من وراء تلك العمليات أولها إرسال رسائل بأنه لا يزال يمثل رقما صعبا في المشهد الأمني العراقي، علاوة على محاولة زيادة مساحة التمويل للتنظيم للقيام بعملياته الإرهابية من خلال إرغام المدنيين على دفع الإتاوات وتهديدهم بحرق مزارعهم وقتل أبنائهم واختطافهم والمساومة بهم، وهذه سياسة استراتيجية اتبعها التنظيم العام الماضي، فهو يحاول في مواسم الحصاد القيام بحرق المزارع واختطاف وقتل والمساومة على المزارعين، حتى يردع السكان المدنيين عن عدم دفع الإتاوات، ومحاولة العودة إلى الحواضن الاجتماعية التي كان التنظيم يستثمرها لكسب المزيد من العناصر وضمها للتنظيم.
وأشار رئيس مركز الاعتماد إلى أن القدرات الحالية لتنظيم "داعش"، ليست نفس القدرات العسكرية والتسليحية التي كان يتمتع بها في السابق، كما أن هناك عمليات عسكرية متواصلة تمكنت خلال الأسابيع الماضية من السيطرة على أعداد كبيرة من عناصر التنظيم سواء من المقاتلين أو من الصف الأول لقيادات التنظيم، مشيرا إلى أن آخر العمليات التي قامت بها القوات العراقية ضد الصف الأول للتنظيم، هو قتل المتحدث الرسمي باسم "داعش" في محافظة نينوى المعروف باسم "أبو عمر المهاجر"، الذي تم تعيينه بعد مقتل أبو حمزة المهاجر والذي كان يعمل مع أبو إبراهيم القرشي زعيم التنظيم.

استراتيجية جديدة

وحول جدوى الطرق التي تستخدمها بغداد للقضاء على فلول التنظيم منذ الإعلان عن هزيمته في عام 2017 يقول علو، إن إمكانية القضاء على التنظيم واردة جدا، حيث أن السنوات التي تلت الإعلان عن هزيمة التنظيم كانت هناك عمليات واسعة النطاق شنتها القوات العراقية لمطاردة وملاحقة بقايا التنظيم في مناطق شاسعة، وفي الحقيقة كانت تلك الاستراتيجية غير ناجحة لأنها كانت مكشوفة وتعطي إنذار مبكر لعناصر التنظيم، فيحاولوا التملص والهروب إلى عمق الصحراء، لذلك كانت تعثر القوات العراقية في كل عملية على العتاد من أطعمة وأسلحة وأجهزة اتصال تركوها وهربوا ، دون إلقاء القبض أو قتل تلك العناصر.

وأوضح رئيس مركز الاعتماد ، أن الاستراتيجية المتبعة اليوم من قبل القوات العراقية هى القيام بعمليات دقيقة تخضع للمعلومات الاستخبارية، كما تقوم بعمليات إنزال بالطائرات وتقوم بها القوات الخاصة العراقية ونتج عنها قتل العديد من العناصر، علاوة على قيام القوة الجوية العراقية بضربات على الانفاق و تقتل الكثير، الأمر الذي كشفت من خلاله مدى هشاشة وضعف التنظيم في الوقت الراهن، بفضل جهود الاستخبارات العراقية وبالتعاون مع القوات الخاصة الأمريكية.

الوفاق السياسي

من جانبه، يقول القيادي في ائتلاف القائمة الوطنية العراقية، الدكتور جمال الحلبوسي، إن مناطق عديدة من البلاد بين فترة وأخرى تتعرض إلى هجمات "داعش" الأرهابي ملحقة خسائر غير مبررة بالمقاتلين أو المدنيين، مستغلة الأوضاع غير المستقرة والفوضى السياسية، وانشغال السياسيين بتشكيل الحكومة الذي تجاوز أكثر من (7) أشهر دون التوصل إلى حل مرضي يفضي إلى قرار موحد من أجل تحريك عجلة الحياة في البناء والتنمية التي ينتظرها عامة الناس 

وأضاف في حديثه لـلنهار الاخباريه  وبالأمس تمكن داعش من ضرب المواطنين المدنيين العزل من المزارعين في مناطق مختلفة من كركوك وقبلها ديالى وصلاح الدين والانبار، مستفيدا من كونها مناطق شاسعة أو رخوة غير محكم السيطرة عليها، بسبب المنازعات حول هذه المناطق بين أطراف مختلفة، فهي تحتاج إلى تنسيق عالي المستوى ومشاركة كافة القطاعات العسكرية في جمع المعلومات الاستخبارية وتبادلها من أجل تفويت الفرصة على أي عمل أرهابي وإفشال نواياه قبل البدء بتنفيذ جرائمه.

انتصار غير كامل

وتابع الحلبوسي، لم يكن إعلان الانتصارعلى داعش بمعنى الانتصار الحقيقي الذي أعلنت عنه الحكومات السابقة، فما زالت المعركة السياسية قائمة ولن تنتهي إلا بالقضاء على بذور الفتنة والطائفية والتهميش والإقصاء الذي طال الكثير من مكونات الشعب، أما الجانب الاستخباراتي فما زال دون المستوى والذي يتطلب جمع المعلومات وتوحيدها بين كافة القوات الأمنية وإجراء عمليات نوعية تعتمد على استخبارات الميدان في توجيه ضربات قوية ومؤثرة لتنظيمات داعش وطرق تنقله وتحركاته، ونظرا لعدم تحقيق الحالتين السابقتين، فسيبقى داعش مؤثرا يطل برأسه بين فترة وأخرى ملحقا الخسائر بالمواطنين الأبرياء، وهذا يتطلب تغيير البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتشكيل جهاز استخباري كفء، قادر على اختراق التنظيم وملاحقته وكبح جماحه قبل تنفيذ أية عملية إرهابية.

عوامل مؤثرة

وأشار القيادي بالقائمة الوطنية إلى أن التناحر السياسي والفوضى والبطالة والفقر والنازحين والمخيمات التي تفتقر لأبسط مقومات الحياة وعوامل اجتماعية أخرى، كل ما سبق يؤمن أراضي خصبة لأي عمل إرهابي، وهذا ما نراه على أرض الواقع، كما لا يمكن استبعاد وجود عناصر مخربة تسعى إلى استغلال اسم داعش للعمل بدوافع سياسية لتنفيذ هجمات تكون بصماتها قريبة أو مشابهة لبصمات الإرهاب ونواياه وأساليبه لضرب المنشآت المدنية، كالمطارات والسفارات الأجنبية المحمية، لتحقيق مآربها على حساب الأبرياء من المواطنين.

وأعلنت خلية الإعلام الأمني العراقية، الاثنين الماضي ، مقتل 6 مزارعين عراقيين، في هجوم نفذه تنظيم "داعش" بمحافظة كركوك العراقية.

وذكرت خلية الإعلام الأمني في بيان: "عمل إرهابي يبين خسة ودناءة عصابات داعش الإرهابية التي أقدمت على استهداف المزارعين الأبرياء بواسطة إطلاق نار عليهم مستغلين الظروف المناخية وتصاعد الغبار في قرية سامي العاصي التابعة ناحية تازة بمحافظة كركوك، مما أدى إلى استشهاد 6 من المواطنين أثناء عملية الحصاد لمحصول الحنطة وحرق حاصدة و3 عجلات ومساحة من المزروعات

وأضاف البيان أن القطاعات الأمنية العراقية، نفذت عملية تفتيش، للبحث عن عناصر داعش الإرهابية، مؤكدا أن مصير هذه العناصر الإرهابية سيكون "الموت أو خلف القضبان عن قريب".

والشهر الجاري، استقبل الرئيس العراقي برهم صالح وزير الدفاع جمعة عناد، لبحث الأوضاع الأمنية في البلاد وتطوراتها وجهود القوات المسلحة في ملاحقة "فلول الإرهاب".

وشدد الرئيس العراقي خلال اللقاء على ضرورة اليقظة والحذر وعدم فسح أي ثغرة أمام الإرهاب لالتقاط أنفاسه والعمل على تهديد أمن واستقرار المواطنين.

وأشاد صالح بجهود القوات الأمنية الأخيرة في تفكيك خلايا إرهابية واعتقال عدد من الإرهابيين البارزين، ودعا إلى مواصلة الضغط على تنظيم الدولة "داعش" وتوفير جميع أشكال الدعم لقوات الأمن للقيام بمهامهم.

وأعلن العراق، في ديسمبر/ كانون الأول 2017، تحرير كامل أراضيه من قبضة تنظيم "داعش"، بعد نحو 3 سنوات ونصف من المواجهات مع التنظيم الإرهابي الذي احتل نحو ثلث البلاد، معلنا إقامة ما أسماها "الخلافة الإسلامية".

وتشهد محافظة ديالى بين فترة وأخرى عمليات أمنية للقضاء على خلايا التنظيم المتطرف خاصة في المناطق الشمالية والشمالية الغربية منها، وفي المناطق المحاذية لمحافظة صلاح الدين والتي تستقر فيها خلايا تابعة للتنظيم، مستغلة وجود السهول وكثرة الأشجار والتلال وعدم وجود سكان فيها.

وتواصل القوات الأمنية العراقية عمليات التفتيش والتطهير وملاحقة فلول التنظيم في أنحاء البلاد، لضمان عدم عودة ظهور عناصره الفارين مجددا، بينما تتمركز قوات الحشد الشعبي على الشريط الحدودي مع سوريا للتصدي لمحاولات تسلل عناصر "داعش" المتكررة.