السبت 20 نيسان 2024

تقارير وتحقيقات

حزينة بلا يأس.. هطاي التركية تنفض ركام الزلزال

النهار الاخبارية - وكالات 

على طول الطريق السريع إلى ولاية هطاي جنوبي تركيا تتقاطر شاحنات تحمل مساعدات إنسانية ومستلزمات طبية وبيوتا جاهزة وخيما لإغاثة المنكوبين من زلزال 6 فبراير/ شباط 2023 المدمر.

الحزن يخيم على الجميع لكنه ممزوج بأمل في القادم وإصرار على إعادة إعمار ما دمره الزلزال الذي أودى بحياة عشرات آلاف الأشخاص في ولايات عديدة جنوبي البلاد.

هكذا حال المتضررين حين وصلت عدسة الأناضول إلى أنطاكية عاصمة الولاية، برفقة قافلة مساعدات إنسانية، تحت شعار "يد واحدة من أجل تركيا"، سيّرتها الجالية المغربية في تركيا.

الوجوه شاحبة والألسن تدعو بالرحمة لمَن رحل من الأحباب، لكن على وقع أصوات مستمرة لآلات ترفع الأنقاض ضمن حركة دؤوبة لإعادة إعمار المدينة.

بحسرة واسترجاع للذكريات ينظر منكوبون إلى بيوت دمرها الزلزال تماما أو جزئيا، لكن ما أصابها من ضرر دفع من بقي حيا إلى خارجها، وخلت أجزاء كبيرة من المدينة من ساكنيها.

هنا وهناك تتناثر خيم أمام بيوت متضررة أو ملاجئ مؤقتة، فيما تنتصب بيوت جاهزة في مساحات شاسعة تتوفر فيها بعض مقومات الحياة.

سيارات تحت أنقاض وملابس وكتب ومتعلقات شخصية كثيرة بين ركام وأطلال، مشاهد تدفعك للتفكير في مَن كانوا هنا قبل فجر 6 فبراير/ شباط 2023.

محلات تجارية طالها خراب الزلزال، آخر حبات طماطم مركونة فوق رفوف خارجية لا يقترب منها أحد.. بقيت كشاهد على دمار كان أقوى من التوقعات.

يكتمل المشهد بأشجار تضررت وقبور تحطمت شواهدها وطرقات تصدعت وجسور تشققت تحت ضربات زلزال بقوة 7.7 درجات أعقبه آخر بقوة 7.6 درجات ثم آلاف الهزات الارتدادية القوية.

في مراكز إيواء مؤقتة يحاول المقيمون التكيف مع الحياة الجديدة وكأنها طبيعية لبعض الوقت، شباب يهربون إلى لعب كرة القدم ليتناسوا ألم الفاجعة، ونساء يجتمعن في زوايا المكان يبحن بانكساراتهن.

فيما يرمق أطفال في حلقات صغيرة الموجه النفسي للملمة جراح مأساة لم تكن في الحسبان، يحاولون فهم سر هذا "الوحش الصامت" الذي سرق حياتهم الطبيعية وأبعدهم عن مدارسهم وأحيائهم وحتى عن أحباب لهم.

هنا كان أوزجان ويلدريم ومحمد ويوسف، تركوا ذكريات الأمس وأحلام المستقبل، كلهم صاروا ذكرى لدى منكوبين تحدثوا للأناضول عن كيف كسرهم الزلزال، لكن من دون يأس. أمل في الغد ولا قنوط من رحمة الله.

أجانب ولاجئون سوريون أيضا جزء من هذه الكارثة، "هربنا من الحرب (في سوريا) وصفعنا الزلزال (في تركيا)، لكن هذا قضاء الله وقدره"، يتحدث سعد الإدلبي وهو سوري مقيم في قرية ألتن أوزو قرب الحدود مع سوريا.

عبد الصمد الجرجيني، مواطن مغربي مقيم في إسطنبول، تحركت مشاعره بالمشاهد الصادمة القادمة من هطاي وقهرمان مرعش وغازي عنتاب وباقي ولايات الزلزال.

شارك رفقة أفراد من الجالية المغربية في قافلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى هطاي تضامنا مع منكوبي الولاية.

"يؤلم في القلب ما عاينّاه ووقفنا عليه هنا في هطاي، تابعنا الصور والفيديوهات المتعلقة بالزلزال وتداعياته عبر القنوات ووسائل التواصل الاجتماعي، لكن حينما تصل لعين المكان وتتأمل هذا الدمار تقول ليس مَن رأى كمن سمع"، يتحدث الجرجيني بحزن.

مشاهدة المنازل المدمرة تؤلم بشدة، بحسب الجرجيني، ولا يسعنا إلا الدعاء بالرحمة لمَن ماتوا وبالشفاء للمصابين، وندعو أصحاب الأيادي البيضاء إلى الإسراع في تقديم المساعدة فآثار الزلزال مستمرة وتحتاج إلى فترة لإعادة الإعمار.

أمام تلك الصور الحزينة هبّت أيادي المتطوعين والعمال للإنقاذ والإصلاح، وفي المستشفيات الميدانية عناصر من هيئة إدارة الكوارث والطوارئ (آفاد) والهلال الأحمر التركيين برفقة فرق من مختلف أنحاء العالم.

آلات الحفر والأشغال تعمل على قدم وساق لإزالة الأنقاض، ورغم هول الفاجعة يسابق الجميع الزمن على أمل أن تعود الحياة إلى طبيعتها في أقرب وقت.