الجمعة 10 أيار 2024

تقارير وتحقيقات

تحقيق الوحدة الاستقصائية فى النهار الاخباريه : احمد عثمان


تحقيق الوحدة الاستقصائية فى النهار الاخباريه :  احمد عثمان 
في هذا التحقيق نقدم معلومات موثقة تكشف عن عدد من النقاط بقدر المستطاع: علاقة الارهاب باجهزة المخابرات وبالاهداف الاميركية وتطابقها مع كل من الطرفين احيانا كثيرة. الهدف الفعلي للتفجيرات الارهابية التي تضرب في لبنان من هي التنظيمات الارهابية ومن هم قادة ومحركوا العمل الارهابي في لبنان بالاسماء والدلائل. 
من هي القوى الدولية والاقليمية والمحلية التي تسهل عمل الجهاديين التكفيريين في لبنان. من هم ابرز قادة الارهاب واين تتواجد الخلايا النائمة وبمن تحتمي ومن هم اعضائها.
بسبب غنى هذا التحقيق بالأسماء والوثائق  سنضع  الحقائق كما هي 
تشكيلات تنظيم القاعدة في لبنان ليست بالسرية التي يتطلبها عملهم، فمنذ العام ١٩٧٩ حتى العام ٢٠٠٥ كان الجهاديين يتصرفون مع لبنان كساحة إسناد معادية  ومع ان الامن السوري المسيطر على لبنان سمح في العام المذكور لجهاديين محليين بالسفر الى العراق لمقاتلة الأميركيين إلا انهم بقوا حذرين من الساحة اللبنانيين وتصرفوا دوما وكأن لبنان بلدا معاديا لهم وان كان لهم حواضن بديهية في بعض قرى البقاع وفي الشمال منذ سنوات ألثمانينات
بعد العام ٢٠٠٥ ، سنة اغتيال الحريري اعتبر الجهاديين الوهابيون ان المجتمع اللبناني اصبح اكثر تقبلا لهم، فخرجت الى العمل الشعبي خلايا نائمة لم تعد تهتم بالعمل السري بل بتجنيد عشرات ألاف الشباب في صفوفها، واختار تنظيم القاعدة ان يتحالف مع تيارات سلفية دعوية في لبنان وان يتحالف مع جماعات اخذت تتصرف كأطراف مسؤولة عن حفظ امن المجتمع في محاولة منها لتأطير جماهير كبيرة بدأت تتقبل العمل الوهابي الجهادي وتعتبره ممثلها. 
من تلك الجماعات ” جماعة ابو محجن ألسعدي وجماعة الشيخ  جمال الخطاب والطرفين لا يعلنا تبنيهما لفكر القاعدة ولكنهما الحاضنة الحقيقة للتنظيم في لبنان والحامي الاساس لخلاياه التي تحتاج الى غطاء وحماية وحصانة في المخيمات الفلسطينية ، خاصة في مخيم  عين الحلوة جنوب لبنان .
ومع ذلك بقي العمل السري للخلايا التكفيرية لا مركزيا وعنقوديا، وجرت محاولات سعودية لإنشاء اجهزة امنية باسم تنظيم القاعدة منها سرايا زياد الجراح وكتائب عبد الله عزام وحاولت مخابرات دولية وإقليمية اخرى انشاء تنظيمات تزعم الانتماء للقاعدة وتفعل فعلها فنجح البعض وفشل اخرون .
فالتنظيم الاكثر سرية في العالم لم يجد الناشطون تحت لوائه في لبنان سببا لجعلهم ينزلون تحت الارض في السنوات الست ألماضية فهم مطلوبون ومكرمون ومدعومون وممولون من اطراف سياسية رئيسية في البلد ومن بلد اقليمي يعتمد عليهم لحماية نف والاهم انهم يعرفون بان التوافق الاميركي السعودي على منحهم ضوءا اخضر للعمل في لبنان سببه وجود قوة رئيسية معادية للأميركيين هي حزب الله، وطالما بقي حزب الله قويا ولا قوة توازيه في البلاد ستبقى اميركا صاحبة الضوء الاخضر الذي يتيح للاجهزة السعودية وللمتعاونين معها في بيروت من رسميين وسياسيين وعسكريين وامنيين التعامل بود مع مشكلة الارهاب وقياداته طالما انه لا يضرب سوى مصالح اعداء السعودية واميركا.
الزعم بوجود استغلال امني للمخابرات السعودية ولتيارات سياسية لبنانية تدور في فلكها ليس امرا نظريا وحسب، فالصحافة الاميركية اكدت الامر والشواهد الواقعية من لبنان تثبت الامر نفسه، والتزام التكفيريين من الدائرين في فلك فكر القاعدة الداعي لممارسة الارهاب ضد المدنيين بفتاوى دينية وهابية هو ايضا يثبت بانهم يعادون في لبنان من تعاديهم السعودية وتيار المستقبل ويتنطحون لمقاتلة من يعتبرهم السعوديون وتيار المستقبل خصمهم السياسي.

ليس كل ارهابي عميل للسعوديين. 

القاعدة ومتفرعاتها لها مشروع مستقل، مشروع دويلات اسلامية تقيم الشرع الوهابي وتمارس تطبيقا عمليا بحق المواطنين في البقع التي يسيطرون عليها بانتظار سيطرتهم على اكبر مساحة ممكنة من العالم الاسلامي، هذا باختصار حلم كل وهابي تكفيري وهذا بالضبط ما يجعل بعضهم متعاونا مرحليا مع كثير من اجهزة الاستخبارات المعادية له على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات وان لكل امارة ظروفها وشروطها.

وذه في لبنان.
 
التأسيس الفعلي للقاعدة كما نعرفها اليوم 

يقول الشيخ نبيل نعيم الشريك المؤسس في تنظيم القاعدة العالمي والرجل الاول بعد ايمن الظواهري في تنظيم الجهاد المصري والصديق المقرب الذي عايش بن لادن والظواهري وعبد الله عزام (الذي ينسب البعض اليه تأسيس التنظيم العالمي للارهاب) ” إن القاعدة ليست تنظيما بل افكار كل من يمارسها يذكره الاعلام بانه من القاعدة بينما الحقيقة هي ان التنظيم كمؤسسة ليس بالقوة التي يتخيلها البعض واسامة بن لادن مات وحيدا ولم يكن له اتصال بانصاره في الأونة الاخيرة الا لماما وهو الامر الذي ينسحب على الظواهري الذي يلعب دور المرشد الروحي لخلايا لا تزال ترتبط به وتعمل بهديه ولكنها فعلا مستقلة تنظيميا.
 وما يشهده العالم الان من حديث عن القاعدة هو مبالغات في وصف مركزية التنظيم بينما الحقيقة ان القاعدة في اليمن اقوى من التنظيم الام وكذا القاعدة في العراق واخيرا القاعدة في الشام ولبنان هم اقوى واكثر فاعلية من تنظيم اسامة بن لادن الاصلي. 
هذا الواقع اللامركزي جعل من اسم القاعدة وصفا فضفاضا لجماعات عديدة تؤمن باقامة الخلافة عبر الارهاب، واما تعاون بعض الجماعات مع المخابرات الدولية هنا وهناك فهذا برأيي الشيخ المصري عامل وراثي لان اصل تنظيم القاعدة هو تزاوج بين فكر الوهابيين الجهاديين ومال المخابرات السعودية وتدريب السي أي ايه والباكستانيين في بيشاور.
 ويقول الشيخ نعيم:
ليس كل من حمل فكر الجهاد من القاعدة، وليس كل من مارس الارهاب جهادي وليس كل جهادي مرتبط بالمخابرات السعودية او الاميركية ، بل ان قيادات من تيارات جهادية هي في الاصل قيادات امنية او متعاونة مع الامن في بلاد عديدة منها السعودية والاردن والباكستان الذين يخترقون تنظيمات الجهاديين منذ لحظة الولادة. كيف ولماذا؟
كيف اغتيل الشيخ عبد الله عزام مؤسس الكتائب .
عبد الله عزام فلسطيني ترك الاردن وسافر الى بيشاور وانشأ معسكرا يموله الديبلوماسيون العاملون في السفارة السعودية في اسلام اباد وفي القنصلية السعودية في بيشاور، لاحظ الجهاديون الليبيون ان عزام المسيطر بالمال على عملهم في افغانستان كان حريصا على تعبئة استمارة معلومات عن مجاهديهم . وبعد فترة من الزمن اكتشف عناصر ليبيون ان زملاء لهم غير معروفين للسلطات الليبية بانهم جهاديون اعتقلوا فور عودتهم الى بلادهم ،وكان لهم تنظيم مستقل سبق تنظيم القاعدة في الوجود،وتبين لليبيين بعد مراقبة عزام ان استماراته عن الجهاديين تذهب الى ديبلوماسي في القنصلية السعودية وهو نفسه الذي يمول معكسر الصفوة الاول للمجاهدين العرب، فجزم الليبيون ان السعوديين يتبادلون المعلومات مع الاستخبارات الليبية.
واجه الليبيون عزام بالامر فانكر وبدلا عن تبرير موقفه توقف عن تمويل المعسكر هنا دخل على الخط بن لادن ومول الجهاديين من ماله ولكنه بدلا عن عداء عبد الله عزام اقترح مسائلته وحصل ما يشبه المحاكمة لعزام خرج فيها الاتهام هباء لان احدا لم يكن يملك الدليل القاطع ضده.
لكن الامر لم يقنع الليبيين وقرروا اغتياله مرات الى ان نجح في ذلك باكستاني يحمل الجنسية الاميركية قام بقنصه في بيشاور. واي قصة غير ما نقول هي تزوير للحقائق.
اذا خلايا القاعدة الاولى مرتبطة بالعمل الامني السعودي وقياسا على موقف الليبيين ليس كل التكفيريين على علم بتعاون قياداتهم مع الاستخبارات الدولية والعربية.

داعش من النشأة الى الارهاب التكفيري
الدولة الإسلامية في العراق والشام تنظيم مسلح يُوصف بالإرهاب يتبنى الفكر السلفي الجهادي يهدف أعضاؤه إلى إعادة”الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة”، يمتد في العراق وسوريا. زعيم هذا التنظيم هو "أبو بكر البغدادي”
بدأ بتكوين الدولة الإسلامية في العراق في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2006 إثر اجتماع مجموعة من الفصائل المسلحة ضمن معاهدة حلف المطيبين وتم اختيار "أبا عمر” زعيما له وبعدها تبنت العديد من العمليات النوعية داخل العراق آنذاك, وبعد مقتل أبو عمر البغدادي في يوم الاثنين 19/4/2010 أصبح أبو بكر البغدادي زعيما لهذا التنظيم، وشهد عهد أبي بكر توسعاً في العمليات النوعية المتزامنة (كعملية البنك المركزي، و وزارة العدل، واقتحام سجني أبو غريب والحوت), وبعد الأحداث الجاريه في سوريا واقتتال الجماعات الثورية والجيش الحر مع نظام بشار الأسد تم تشكيل جبهة النصرة لأهل الشام أواخر سنة 2011، وسرعان ما نمت قدراتها لتصبح في غضون أشهر من أبرز قوى المقاتلة في سوريا , وفي 2013/4/09 وبرسالة صوتية بُثت عن طريق شبكة شموخ الإسلام  , أعلن من خلالها أبو بكر البغدادي دمج فرع التنظيم جبهة النصرة مع دولة العراق الإسلامية تحت مسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام. ونفوذ الدولة تتوسع في الداخل السوري يوماً بعد اليوم.
تبنت الدولة الإسلامية في العراق والشام عملية تفجير السفارة الإيرانية في بيروت، ويسيطر أفراد هذا التنظيم على مساحة كبيرة من مدينة الفلوجة العراقية ابتداءً من أواخر ديسمبر 2013 وبداية 2014.
بعد تشكيل جماعة التوحيد والجهاد بزعامة ابي مصعب الزرقاوي في عام 2004 وتلى ذلك مبعايته لزعيم تنظيم القاعدة السابق اسامة بن لادن ليصبح تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين كثف التنظيم من عملياته إلى ان اصبح واحد من اقوى التنظيمات في الساحة العراقية وبدأ يبسط نفوذه على مناطق واسعة من العراق إلى ان جاء في عام 2006 ليخرج الزرقاوي على الملا في شريط مصور معلنا عن تشكيل مجلس شورى المجاهدين بزعامة عبدالله رشيد البغدادي,بعد مقتل الزرقاوي في نفس الشهر جرى انتخاب ابي حمزة المهاجر زعيما للتنظيم ,وفي نهاية السنة تم تشكيل دولة العراق الاسلامية بزعامة ابي عمر البغدادي.
وفي يوم الاثنين الموافق 19/4/2010 شنت القوات الامريكية والعراقية عملية عسكرية في منطقة الثرثار استهدفت منزلا كان فيه ابي عمر البغدادي وابي حمزة المهاجر وبعد اشتباكات عنيفة بين الجانبين واستدعاء الطائرات تم قصف المنزل ليقتلا معا وتم عرض جثتيهما على وسائل الاعلام وبعد اسبوع واحد اعترف التنظيم في بيان له على الانترنت  بمقتلهما وبعد حوالي عشرة ايام انعقد مجسل شورى الدولة ليختار ابي بكر البغداداي خليفة له والناصر لدين الله سليمان وزيرا للحرب.
وبعد اندلاع الازمة السورية واصبحت مسلحة بدأ تكوين الفصائل والجماعات لقتال النظام السوري وفي اواخر العام 2011 تم تكوين جبهة النصرة بقيادة ابي محمد الجولاني حيث اصبح الامين العام لها واستمرت الجبهة بقتال النظام حتى وردت تقارير استخباراتية عن علاقتها الفكرية والتظيمية بفرع دولة العراق الاسلامية بعد ذلك ادرجتها الولايات المتحدة الامريكية على لائحة المنظمات الارهابية, وبتاريخ التاسع من ابريل ظهر تسجبل صوتي منسوب لابي بكر البغدادي يعلن فيها ان جبهة النصرة هي امتداد لدولة العراق الاسلامية واعلن فيها الغاء اسمي جبهة النصرة ودولة العراق الاسلامية تحت مسمى واحد وهو الدولة الاسلامية في العراق والشام.
بعد ذلك بفترة قصيرة ظهر تسجيل صوتي لابي محمد الجولاني يعلن فيها عن علاقته مع دولة العراق الاسلامية لكنه نفى شخصيا او مجلس شورى الجبهة ان يكونوا على علم بهذا الاعلان فرفض فكرة الاندماج واعلن مبايعة تظيم القاعدة في افغانستان، و على الرغم من ذلك فإن للدولة الإسلامية و جبهة النصرة العديد من العمليات العسكرية المشتركة.
مناطق التواجد في العراق وسوريا
العراق
تشمل سيطرة قوات التنظيم على مساحات محدودة في المحافظات العراقية وتغطى الهجمات التى تشنها كل الاراضى العراقية ولكن تعتبر المحافظات السنية الست او ما يعرف بالمثلث السنى هى مراكز تواجد الدولة الاسلامية فى العراق.
سوريا
تتواجد الدولة و تسيطر على مناطق فى محافظات الرقة و حلب‏ و ريف اللاذقية و دمشق وريفها و دير الزور و حمص و حماة و الحسكة و إدلب ويتفاوت التواجد والسيطرة العسكرية من محافظة لاخرى فمثلا لديها نفوذ قوي في محافظة الرقة و في بعض أجزاء محافظة حلب و لديها نفوذ أقل في حمص و اللاذقية .



قواتها العسكرية
تمتلك الدولة الإسلامية في العراق والشام العديد من الدبابات و الصواريخ و السيارات المصفحة و السيارات الرباعية الدفع و الأسلحة المتنوعة التي حصلت عليها من الجيش العراق و الجيش العربي السوري و غيرهم.
حاربت سابقا
الجيش الأمريكي في العراق.
الجيش البريطاني في العراق.
ميليشيات و قطاع طرق (التي ظهرت بعد سقوط بغداد).
تحارب حاليا
الجيش العراقي
الشرطة العراقية
قوات الصحوة العراقية
قوات البشمركة.
الجيش العربي السوري
ميليشيات شيعية متنوعة مثل "عصائب أهل الحق” و "جيش المهدي” و "حزب الله العراقي”.
حزب الله (اللبناني).
الحرس الثوري الإيراني.
حزب العمال الكردستاني (البي كي كي)
الجيش الحر




ابو ماريا القحطاني  من هو
الغموض الذي يكتنف شخصية وهوية بعض قيادات و"أمراء" التنظيمات "الجهادية"، يضفي عليهم نوعاً من الهالة والهيبة لا يمكن إنكارها، ولكن بمجرد زوال هذا الغموض وانكشاف الهوية الحقيقية لشخص "الأمير" أو القائد، تتبدد الهالة وتنتكس الهيبة، وتحل محلهما علامات استفهام كبيرة ينتهي غالبيتها عند السؤال الكبير عن دور أجهزة الاستخبارات العالمية في ركوب صهوة هذه التنظيمات "الجهادية"، والإمساك بزمامها عبر الشخصيات الغامضة لقيادتها إلى المكان الذي تتحقق فيه مصلحة الدول التي تتبع لها أجهزة الاستخبارات.
وقد يكون أبو ماريا القحطاني "المفتي العام لجبهة النصرة وأمير المنطقة الشرقية" في سوريا، نموذجاً عن هذه الشخصيات الغامضة التي تتقاطع عندها وفيها مصالح ونشاطات العديد من أجهزة الاستخبارات الإقليمية والدولية.
أبو ماريا القحطاني، واسمه الحقيقي هو ميسر علي بن موسى بن عبدالله الجبوري. وبحسب معلومات حصلناعليها فإن الجبوري كان ضابطاً في الجيش العراقي ضمن ما سمي "جيش فدائيي صدام"، وبقي فيه حتى احتلال العراق من قبل القوات الأميركية، حيث جرى حل الجيش العراقي وتسريح كافة ضباطه وعناصره، ومن بين ذلك الوحدات التابعة له مثل "فدائيي صدام".
وعمل الجبوري فترة من الزمن شرطياً في "سيطرات" شارع بغداد في مدينة الموصل، حيث كان يقوم بملاحقة أعضاء وقيادات التنظيمات المسلحة، سواء التي تشكلت لمقاومة الاحتلال الأميركي أو ذات الصبغة الإسلامية المتطرفة، وحدثت بينه وبينهم الكثير من الاحتكاكات، وقد هددته بعض التنظيمات بأنه إذا لم يترك عمله كشرطي عند المحتل الأميركي سيكون مصيره "الذبح"، وكان الذبح قد بدأ بالانتشار في العراق على يد أبي مصعب الزرقاوي.
لم يكن معروفاً عن ميسر الجبوري أنه ملتزم دينياً، ومجرد قبوله العمل في إدارة بريمر يشير إلى أنه لم يكن لديه رادع داخلي يمنعه من التعاون مع القوات التي تحتل بلاده، وهذا بعيد كل البعد عن خيارات الأشخاص المتدينين، وبالأخص على الطريقة السلفية. 
 لكن الجبوري، تحت وطأة التهديدات ولاسيما بعد تصاعد قوة التنظيمات الإسلامية، قصد "الجهاديين" وأعلن توبته، مبرراً تصرفه بأنه كان مضطراً، ثم ترك عمله كشرطي وانتسب إلى صفوف "الجهاديين"، لكنه سرعان ما قبض عليه واعتقل لعدة سنوات قبل أن يفرج عنه.
وبعد الإفراج عنه جرى تعيينه من قبل "الدولة الإسلامية في العراق" شرعياً في مدينة الموصل، ومن بعدها انتقل للعمل في الحسبة والعلاقات مع العشائر، حيث جرى القبض عليه للمرة الثانية، ثم أفرج عنه.
وهذا يطرح تساؤلات عن الفترتين اللتين أمضاهما في السجن، وما حدث بهما، خصوصاً على صعيد علاقته مع الضباط الأميركيين وكيفية استجوابه، وما هي المعلومات التي أقرّ بها ولقاء ماذا؟ كل هذه الأسئلة لا بد أن تكون قد دارت في خلد قيادة "الدولة الإسلامية في العراق" وجعلتها تحيي الشكوك بالشرطي السابق عند بريمر، لذلك فإنها بعد خروج الجبوري من السجن للمرة الثانية قامت بتعيينه في قاطع الجنوب، لكنه رفض تعيينه وقرر الهروب من التنظيم. وبالفعل وصل إلى سوريا في العام 2010 حسب أدق التقديرات. 


وفي سوريا افتتح محلاً لبيع الخضراوات، لذلك يطلق عليه خصومه لقب "البقّال"، وعمل في هذه المهنة حتى اندلعت الأزمة. وبحسب معلومات مسربة عن الجبوري فإنه طوال السنتين اللتين أمضاهما في سوريا كان يحاول جاهداً الحصول على تاشيرة سفر إلى الولايات المتحدة، بل إن بعض المصادر أكدت أنه تقدم عدة مرات بطلب للجوء سياسي في أميركا، لكن طلبه كان يرفض في كل مرة.
في هذه الأثناء، دخل أبو محمد الجولاني إلى سوريا لتشكيل "جبهة النصرة" بناء على أوامر من أميره زعيم "الدولة الاسلامية في العراق" أبي بكر البغدادي، فسعى الجبوري إلى الاجتماع مع الجولاني، حيث تشير المعلومات أنه كان على معرفة به منذ أيام الموصل، فقرّبه الجولاني وعيّنه "المفتي العام لجبهة النصرة". وكان هذا التعيين أحد الأسباب التي أغضبت البغدادي من الجولاني ودفعته إلى الإسراع في إعلان قرار الدمج بين "الدولة الاسلامية في العراق" و"جبهة النصرة" وتشكيل تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، بعد أن تزايدت الشكوك لدى البغدادي أن الجولاني يخرج عن سيطرته ويمد جسور التواصل مع زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري، وأن ميسر الجبوري هو مهندس هذه الجسور.
وبالفعل تشير كافة المعطيات المتوافرة أن أبا ماريا القحطاني كان من أبرز المتحمسين لرفض قرار الاندماج الذي أعلنه البغدادي، ولعب دوراً أساسياً في إقناع الجولاني بعدم القبول به، ومن ثم مبايعة الظواهري.







ومنذ ذلك الحين أصبح ميسر الجبوري هو المتزعم الفعلي لـ"جبهة النصرة" نتيجة تأثيره الكبير وحضوره المهيمن على الجولاني نفسه، وقد ساعده على ذلك إلمامه بالعلوم الشرعية التي استقى معظمها من مشايخ كانوا معتقلين معه، وعلى رأسهم شيخ يدعى "المياحي"، كذلك خبرته السابقة في الأعمال العسكرية إلى جانب خبرة أمنية لا بأس بها، إضافة إلى أمر مهم هو اتصالاته الواسعة مع مشايخ ورجال دين خصوصاً في السعودية، وهو ما كان يفتقر إليه الجولاني.



وقد اتهم الجبوري عدة مرات من قبل خصومه أنه تواصل مع الشيخ موسى الغنامي الذي يعتبر مقرباً كثيراً من السلطات السعودية، كما كان له اتصالات كثيرة مع الشيخ عبد العزيز الطريفي الذي يؤدي حالياً دوراً بارزاً في الدفاع عن "جبهة النصرة" والهجوم على "داعش"، وقد كانت له عدة فتاوى بعدم جواز مبايعة البغدادي بيعة عامة، ومؤخراً أفتى بضرورة الانشقاق عن "داعش".