الثلاثاء 7 أيار 2024

تقارير وتحقيقات

احتجاج في بيروت تنديدا بتعليق التحقيق في انفجار المرفأ



النهار الاخباريه – بيروت
تظاهر مئات اللبنانيين يتقدمهم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، الأربعاء 29 سبتمبر (أيلول) الحالي، أمام قصر العدل بعد يومين من تعليق التحقيق في القضية على خلفية تدخلات سياسية وشكاوى قانونية تطالب بتنحية المحقق العدلي.
وهذه المرة الثانية التي يُعلّق فيها التحقيق في الانفجار الضخم الذي وقع في الرابع من أغسطس (آب) 2020، وأدى إلى مقتل 214 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن دمار واسع في العاصمة. وعزته السلطات إلى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم من دون إجراءات وقاية. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزين هذه المادة ولم يحركوا ساكناً.
"لن ننسى"
وتمكّنت مجموعة من المتظاهرين ظهر الأربعاء من الدخول إلى الباحة الداخلية لقصر العدل في بيروت، حيث يقع مكتب المحقق العدلي. وعلقوا لافتة ضخمة تضم صور الضحايا كُتب عليها "لن تقتلونا مرتين".
وأمام قصر العدل، رفع الأهالي صور الضحايا ولافتات كتبوا عليها عبارات عدة، بينها "القضية أكبر من قاضي... القضية الحقيقة" و"الشعب يحمي العدالة" و"لن ننسى". كما حمل أحدهم صورة مرفقة بمجسم مقصلة ومذيّلة بتعليق "نهاية كل فاسد".
وقالت ريما الزاهد، التي قتل الانفجار شقيقها الموظف في المرفأ، لوكالة الصحافة الفرنسية، "نعاني منذ 13 شهراً من تدخلات السياسيين وأرباب الطوائف في مسار التحقيق... ووصل بهم الأمر إلى حدّ اللعب على القانون". وأضافت، "عندما علمت بوقف التحقيق، شعرت أننا نتعرض للخيانة مرة ثانية، ويقتلوننا مرة ثانية... كأنهم يقتلوننا ونحن نتنفس".
ومنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين ومسؤولين أمنيين، يخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط السياسية إلى عزل المحقق العدلي طارق بيطار، على غرار ما جرى مع سلفه فادي صوان الذي نُحّي في فبراير (شباط) الماضي بعد ادعائه على دياب وثلاثة وزراء سابقين.
وقبل تنحيته، كان صوان بدوره علّق التحقيق بعدما تقدم وزيران ادعى عليهما بطلب نقل القضية من يده.


تعليق التحقيق
وعلّق بيطار الاثنين التحقيق بعد تبلغه دعوى تقدم بها وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق يطلب فيها نقل الملف إلى قاضٍ آخر رداً على طلب استجوابه كمدعى عليه.
وبعد نحو خمسة أشهر من تسلّمه الملف، أعلن بيطار في يوليو (تموز) الماضي عزمه استجواب دياب كمدعى عليه، ووجّه كتاباً إلى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن ثلاثة وزراء سابقين هم النواب علي حسن خليل (وزارة المال) وغازي زعيتر (وزارة الأشغال)، وهما ينتميان إلى كتلة حركة أمل المتحالفة مع ميليشيا "حزب الله"، ونهاد المشنوق الذي كان ينتمي إلى تيار المستقبل. وجاء ذلك "تمهيداً للادعاء عليهم" بتهم "جناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل" و"جنحة الإهمال والتقصير" لأنهم كانوا على دراية بوجود نيترات الأمونيوم "ولم يتخذوا إجراءات تجنّب البلد خطر الانفجار".
وفي 16 سبتمر الحالي، أصدر بيطار مذكرة توقيف بحق وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس بعد امتناعه عن المثول أمامه لاستجوابه. وتقدم الأخير أيضاً بدعوى أمام محكمة التمييز الجزائية مطالباً بتنحية بيطار.
وغادر دياب الشهر الحالي إلى الولايات المتحدة، على الرغم من صدور مذكرة إحضار بحقه وتحديد موعد استجوابه.
تهديد القاضي
وتتهم قوى رئيسة على رأسها "حزب الله"، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، وتجمّع رؤساء الحكومات السابقين بينهم سعد الحريري، بيطار بـ"تسييس" التحقيق.
ويأتي تعليق التحقيق بعد أيام على تسريب رسالة شفهية نقلتها إعلامية على لسان مسؤول في "حزب الله" كان موجوداً في قصر العدل، إلى بيطار تتضمن امتعاض الحزب من مسار التحقيق وتهديد بإزاحته.
وخلال تظاهرة الأربعاء، قال وليام نون، شقيق أحد ضحايا فوج الإطفاء الذي كان يحاول إخماد حريق سبق الانفجار، "نحن نطالب بالحقيقة... ممنوع أن يتهدد القاضي داخل العدلية".
كما جاء تعليق التحقيق في بداية أسبوع كان يفترض أن يشهد جلسات استجواب عدة لمسؤولين عسكريين وسياسيين. ورفضت الأمانة العامة لمجلس النواب الأسبوع الماضي مذكرات تبليغ أرسلها بيطار لاستجواب النواب الثلاثة، انطلاقاً من استناد البرلمان إلى قانون يحصر محاكمة الرؤساء والوزراء في محكمة خاصة يُشكّلها من قضاة ونواب.
ومنذ وقوع الانفجار، رفضت السلطات تحقيقاً دولياً، فيما تندّد منظمات حقوقية بينها "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات، وتطالب بإنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة.
وخلال التظاهرة، قالت يسرى أبو صالح، التي فقدت ابنها خلال الانفجار، "نطالب بالعدالة... ومن يتغيّب عن المحاكمات هو الخائف".