الثلاثاء 30 نيسان 2024

5 أسئلة حول “الجسم الطائر” الذي أسقطته إسرائيل وتقول إنه أُطلق من سوريا


النهار الاخبارية - وكالات 

أُطلقت صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل، بعد أيام قليلة من إسقاط تل أبيب "جسماً طائراً" تقول إنه أُطلق من سوريا، في ظل ارتفاع التوتر إلى درجة الغليان على خلفية الاعتداءات على المسجد الأقصى.

وقال مسؤولون إن صواريخ أُطلقت من لبنان على إسرائيل، الخميس 6 أبريل/نيسان، وإن إسرائيل ردت بإطلاق نيران المدفعية عبر الحدود، وسط تصاعد التوتر بعد اقتحام قوات من شرطة الاحتلال المسجد الأقصى.

وذكر جيش الاحتلال أنه اعترض صاروخاً واحداً على الأقل وسط سماع دوي صفارات الإنذار في بلدات بالشمال قرب الحدود، فيما أفاد مصدران أمنيان لبنانيان لـ"رويترز" بوقوع هجومين، على الأقل بعدة صواريخ.

هل إسقاط "جسم طائر" من سوريا هو الأول من نوعه؟
كانت إسرائيل قد أعلنت الأحد 2 أبريل/نيسان، عن إسقاط "جسم طائر" رصدته يحلّق من سوريا باتجاه مرتفعات الجولان، وهو ما يثير أسئلة مهمة عن طبيعة الحادث والتكنولوجيا المستخدمة فيه. والجسم، الذي أُشير إليه في اللغة الإنجليزية بالـ"طائرة"، ولكن في العبرية بـ"أداة جوية"، على الأرجح جزء من تهديد المسيّرات الإيرانية التي تُطلق من سوريا.

ورصد تقرير لصحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية بعض الأسئلة الرئيسية بشأن ما يعنيه الحادث لإسرائيل وإيران وسوريا والمنطقة، في توقيت متوتر للغاية.

تحتفظ إيران بطائرات مسيرة في سوريا منذ سنوات.  وعام 2017، استخدمت إيران مسيّرة شاهد 129 لتنفيذ عمليات مراقبة في سوريا بالقرب من القوات الأمريكية؛ وقد أسقطت الولايات المتحدة المسيرة بطائرة F-15.

وعام 2018، أطلقت إيران مسيرة من قاعدة التياس الجوية العسكرية إلى المجال الجوي الإسرائيلي بالقرب من بيت شيعان؛ وأسقطتها إسرائيل بطائرة مروحية. واستهدفت إيران إسرائيل مرة أخرى بطائرات مسيرة في مارس/آذار عام 2021؛ وأسقطتها إسرائيل بطائرات إف -35.

وبعدها بشهر، أطلقت إيران طائرة مسيرة من العراق إلى إسرائيل، وقد أُسقطت بدورها. وفي فبراير/شباط عام 2022، استهدفت إيران إسرائيل مرة أخرى بطائرة شاهد 136 المسيّرة من إيران، وأسقطها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

وبعد هذا الحادث، توقف تهديد الطائرات المسيرة الإيرانية نسبياً في سوريا. وحاول حزب الله استهداف منطقة للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل إسرائيل في يوليو/حزيران عام 2022، باستخدام مروحيات رباعية- طائرات مسيرة صغيرة متاحة تجارياً- بالقرب من الحدود مع إسرائيل.

وفي فبراير/شباط عام 2022، قال حزب الله إنه أطلق طائرة مسيرة اخترقت المجال الجوي الإسرائيلي لمسافة 30 كم. وأسقطت إسرائيل طائرة مسيرة تابعة لحزب الله في مايو/أيار. ووقعت حوادث مماثلة مطلع أغسطس/آب عام 2021، ولكن بشكل عام، تعود حوادث المسيرات إلى أكثر من 10 سنوات.

هل كان هذا الحادث رد إيران على هجمات إسرائيل؟
منذ يوم الخميس 30 مارس/آذار، ضربت ثلاث غارات جويةٍ القوات الإيرانية في سوريا، وفقاً  لتقارير أجنبية. والجسم الطائر فوق الجولان، الذي دخل المجال الجوي الإسرائيلي، ربما كان رد إيران على الضربات التي وُجهت إليها.

وأكد تقرير صادر عن شركة ImageSat International، أن الأقمار الصناعية والمعلومات الاستخباراتية تُظهر أن مسيّرات تابعة لإيران أو حزب الله دُمرت في غارة جوية بقاعدة الضبعة الجوية مساء السبت 1 أبريل/نيسان. وهذا يعني أن إيران تعرضت لنكسة مسيرات في سوريا وأطلقت طائرة مجهولة باتجاه إسرائيل.

كانت وكالة تسنيم للأنباء قد ذكرت الأربعاء، أن إيران أحبطت هجوماً بطائرة مسيرة على مجمع لوزارة الدفاع في مدينة أصفهان بوسط البلاد، لكن طهران قالت إن تأكيد ما ورد في التقرير يتطلب مزيداً من التحريات. وقالت وكالة تسنيم: "كان مجمع أمير المؤمنين التابع لوزارة الدفاع في أصفهان، هدفاً لهجوم فاشل بطائرة مسيّرة صغيرة أحبطته أنظمة الدفاع". وذكرت أن المحاولة لم تسفر عن أي أضرار.

لكن وزير الداخلية أحمد وحيدي، قال: "لا يمكنني إلى الآن تأكيد هذا، لأنه يتطلب مزيداً من التحريات". واتهمت إيران إسرائيل في الماضي، بالمسؤولية عن مثل هذه الهجمات وضمن ذلك هجوم بطائرة مسيرة على مصنع تابع للجيش قرب أصفهان في يناير/كانون الثاني. ولم تؤكد إسرائيل مسؤوليتها عن الهجمات ولم تنفها.

يأتي ذلك بعد ضربات جوية إسرائيلية في سوريا على أهداف مرتبطة بإيران؛ مما أسفر عن مقتل اثنين على الأقل من أفراد الحرس الثوري الإيراني كانا مستشارين عسكريين في سوريا.

وفي يناير/كانون الثاني، استهدف هجوم بطائرة مسيرة مركزاً صناعياً تابعاً لوزارة الدفاع، وقالت إيران إن "مرتزقة النظام الصهيوني" نفذوا الهجوم وإنه فشل.

هل يجري إسقاط المسيرات باستخدام أساليب "غير عنيفة"؟
وفقاً لتقرير على موقع Ynet يوم الإثنين 3 أبريل/نيسان، أُسقط الجسم الطائر يوم الأحد باستخدام "وسيلة غير عنيفة"، وليس بصاروخ يمزقه إلى شظايا. وقد أُسقط في منطقة مفتوحة؛ لانتشاله وفحصه.

وجاء في تقرير Ynet، أنه "في الحرب الإلكترونية، تُرسل إشارات عن بُعد لتعطيل حركة الطائرة وإسقاطها. وبهذه الطريقة، خلال العامين الماضيين، أسقط الجيش الإسرائيلي مسيرات عبرت حدود لبنان وحدود قطاع غزة من خلال مراكز سيطرة الفرق التي أنشأها سلاح الجو".

هل المنطقة مهتمة بهذا الحادث؟
حرصت وسائل الإعلام بالمنطقة- في تركيا والخليج وإيران- على متابعة آخر التطورات. وذكرت وكالة الأناضول التركية أن إسرائيل أسقطت "الجسم" فوق الجولان، بينما أفادت وكالة تسنيم الإيرانية بأن إسرائيل أسقطت "طائرة مسيرة مجهولة". واستخدام هذه اللغة يشير إلى أن هذه الوسائل الإعلامية تفترض أن الجسم طائرة مسيرة، وليس طائرة مأهولة.

وتنشر وسائل الإعلام الخليجية تقارير مكثفة عن التوترات بين إسرائيل وإيران بشكل عام، وهذا التوجه يأتي في الوقت الذي تقترب فيه السعودية ومصر من تطبيع العلاقات مع سوريا. ولو أن إيران بالفعل تستغل سوريا لاستخدامها كقاعدة للمسيرات، فهذا قد يضر بهذه العملية.

وتشارك تركيا وروسيا وسوريا وإيران أيضاً في اجتماعات دبلوماسية تهدف إلى تعزيز تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا. وتأتي كل هذه التحركات الدبلوماسية وسط هذا العدد غير المسبوق من الحوادث في سوريا وتسلل المسيرات إلى المجال الجوي الإسرائيلي.

هل هذا الحادث بداية لمزيد من الهجمات بالمسيرات؟
تتعامل إيران بحذر مع هذه الحوادث في سوريا، إذ تحرص وسائل إعلامها على عدم المبالغة في التركيز عليها. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يتكبد الحرس الثوري الإيراني خسائر فادحة في سوريا.

وقاعدة الضبعة تقع على بعد كيلومترات قليلة من الحدود اللبنانية، ونحو ساعة بالسيارة من بعلبك في لبنان. ويُعتقد أن حزب الله أنشأ قاعدة مسيرات بالقرب من بعلبك، وفقاً لتقارير من موقع Naharnet تعود إلى عام 2014.

ومن الممكن أن حزب الله نقل المسيرات من بعلبك إلى الضبعة، وهذا يثير تساؤلات عما إذا كان حزب الله هو الذي تكبد خسائر في منشآت التحكم بطائراته المسيرة في سوريا.

قد يعني هذا أن الإسقاط الذي تم مساء الأحد هو الأول في سلسلة التوترات المتصاعدة مع حزب الله وإيران. وكانت إسرائيل اتهمت إيران بالوقوف وراء مؤامرة هجوم في اليونان لم تؤت ثمارها.

ويُقال إن إسرائيل أيضاً اتهمت حزب الله بالتورط في تسلل رجل من لبنان عبر الحدود إلى إسرائيل في مارس/آذار وزرع عبوة ناسفة بالقرب من مجدو. ولا يزال السياق الكامل للطريقة التي ترتبط بها هذه الحوادث بتصاعد التوترات في سوريا وحوادث الطائرات المسيرة في قاعدة الضبعة وفوق الجولان، غير واضح.

وأحد العوامل التي لا ينبغي تجاهلها هو أن كل هذا يحدث عشية عيد الفصح وعيد القيامة، وكذلك في بداية شهر رمضان. وإيران تعرف هذا ويجوز أنها تسعى إلى زيادة حدة التوترات خلال هذه المناسبات الدينية.

ومع استمرار الحكومة الأكثر تطرفاً بتاريخ الدولة العبرية في انتهاكاتها بحق المسجد الأقصى، قالت وسائل إعلام إسرائيلية الخميس، إن نحو 30 صاروخاً أُطلقت من لبنان، اعترضت الدفاعات الجوية نصفها، فيما سقطت خمسة بمناطق إسرائيلية. وقالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية إن شخصاً تعرض لإصابات طفيفة جراء شظايا.

ولم تعلن أي جهةٍ مسؤوليتها، لكن ثلاثة مصادر أمنية قالت إنه يُعتقد أن فصائل فلسطينية في لبنان، وليست جماعة حزب الله اللبنانية، هي المسؤولة عن إطلاق الصواريخ. بينما وجهت إسرائيل الاتهام إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالوقوف وراء إطلاق الصواريخ من لبنان.

تأتي هذه التطورات فيما يقوم إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، بزيارة للبنان. وفي بيان مكتوب، وصفت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) الوضع بأنه "خطير للغاية"، ودعت إلى ضبط النفس. وقالت إن رئيس القوة أرولدو لاثارو، على اتصال بالسلطات من الجانبين.


وبعد وقت قصير من إطلاق المجموعة الثانية من الصواريخ، قالت مصادر أمنية لبنانية إن جنوب البلاد تعرض لإطلاق نيران مدفعية، وقال سكان إنهم سمعوا دوي انفجارات، لكن لم ترد أنباء على الفور عن وقوع إصابات.

وتأتي هذه التقارير في وقت يتصاعد فيه التوتر بعد اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى في القدس هذا الأسبوع، كما تتزامن التطورات مع احتفال إسرائيل بعيد الفصح. وأعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أنه سيجري تقييماً أمنياً في أعقاب إطلاق الصواريخ من لبنان، وأنه استدعى مجلس الوزراء الأمني المصغر؛ لعقد اجتماع.

وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، على تويتر: "ينبغي ألا يختبرنا أحد، سنتخذ جميع التدابير اللازمة للدفاع عن بلدنا وشعبنا". وضربت إسرائيل عدداً من الأهداف في غزة بعد إطلاق صواريخ من القطاع في أعقاب اقتحام الأقصى، الذي قوبل بتنديد عربي واسع النطاق.

وأشاد المتحدث باسم لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية، محمد البريم، من غزة بالضربات الصاروخية من لبنان، وربطها بما يحدث في الأقصى، لكن من دون أن يعلن المسؤولية عنها. وقال: "لا يمكن لأي عربي أو مسلم حر أن يصمت عن استباحته (أي المسجد الأقصى) بهذا الشكل الهمجي والبربري، دون أن يدفع العدو ثمن عدوانه".