الأحد 28 نيسان 2024

زيارة بيلوسي... أمريكا تتبع سياسة "سكب الزيت على النار" مع الصين


النهار الاخباريه وكالات

يرى مراقبون أن زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان (الصين)، جاءت ضمن سياسة "سكب الزيت على النار"، التي تتبعها واشنطن مع بكين.

وزارت بيلوسي الجزيرة التابعة للصين أمس الثلاثاء، في خطوة أججت الغضب الصيني، إلى الحد الذي أعلن عنده الجيش الصيني عن سلسلة من التدريبات العسكرية بما في ذلك إطلاق نار حي بعيد المدى في مضيق تايوان، كما طوّق الجزيرة من كل النواحي، فضلا عن فرض عقوبات اقتصادية على تايوان، وتعليق استيراد بعض السلع منها وتصدير الرمال الطبيعية إليها.

"هذه الزيارة بمثابة اللعب بالنار، ومحاولة أمريكية لاستفزاز الصين وسكب الزيت على النار، لتحقيق عدة أهداف استراتيجية"، على حد تعبير الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية.

ويقول الدكتور غباشي "، إن الولايات المتحدة تدرك جيدًا أنها وصلت إلى خط النهاية، وهي تريد توتير الأجواء من أجل تحقيق مصالحها في إضعاف غرمائها التقليديين، والتي تعد الصين واحدة من أهمها، وهذا الإضعاف تقوم به من خلال محاولة توريط الصين في حرب أو في أي شكل من أشكال الصراع بسبب هذه الاستفزازات، على حد تعبيره.

وفي محفل الرد الصيني على الزيارة، قال وزير الخارجية وانغ يي، اليوم الأربعاء، إن "هذا التصرف يخالف مبدأ صين واحدة على نحو خطير، ويعتدي بشكل خبيث على سيادة الصين، ويمثل استفزازا سياسيا سافرا، أثار استياء شديدا لدى الشعب الصيني، ومعارضة عامة في المجتمع الدولي. وذلك يثبت من جديد أنّ بعض الساسة الأمريكيين تحولوا إلى (صنّاع مشاكل) في العلاقات الصينية الأمريكية، وأنّ الولايات المتحدة أصبحت (أكبر مقوّض) للسلام الإقليمي في منطقة مضيق تايوان".

وشدد الوزير الصيني في حديث نقلته وكالة "شينخوا" الصينية، أنه "على الولايات المتحدة ألا تتوهم القدرة على عرقلة توحيد الصين. تايوان هي جزء من الصين، وإن توحيد الصين الكامل هو اتجاه عام وضرورة تاريخية. لن نترك مجالا لقوى "استقلال تايوان" الانفصالية وتدخلات القوى الخارجية".

استفزاز متعمد

ويرى غباشي أن تطور الأزمة القائمة بين تيوان والصين وسط الاستفزازات الأمريكية يتوقف على قدرة الأطراف، لا سيما في ظل التهديدات الصينية، وإقدام بكين على قطع جزء كبير جدا من الاتفاقيات التجارية بينها وبين تايوان، وكذلك أعادت بعض المراكب المحملة بالبضائع والتي كانت على مشارف الوصول للموانئ التيوانية، ناهيك عن تعطل الرحلات المدنية والتجارية بالنسبة للطيران في بحر الصين الجنوبي.

وأشار إلى أن ردود الأفعال الصينية على مستوى هذا الحدث طبيعية بشكل كبير، إلا أن من الممكن أن تتطور عسكريًا، خاصة في ظل زيارة بيلوسي، حيث خرجت 8 طائرات أمريكية عسكرية من جزيرة أوكيانو لحمايتها، في وقت تتحدث فيه الولايات المتحدة الأمريكية بأن إدارتها ووزارة الخارجية غير مؤيدين للزيارة، وأنها جاءت بشكل فردي من قبل رئيسة البرلمان.

وتابع: "الولايات المتحدة الأمريكية تمارس ما يمسى بالغموض الاستراتيجي، فزيارة بيلوسي لا يمكن أن تكون من دون موافقة الإدارة الأمريكية، ويأتي التنصل الأمريكي حاولة لتهدأة الصين وتفادي ردود أفعالها الغاضبة، في ظل اعتبار الصين لتايوان هبة السماء، وجزء لا يتجزأ من الدولة الواحدة".

ويعتقد نائب رئيس المركز العربي أن زيارة بيلوسي سيكون لها تداعيات خطيرة، وردود فعل صينية قادمة، لا سيما وأنها تحدثت في زيارتها عن تعزيز العلاقات الاقتصادية، وضمان أمن تايوان، وهو ما يمثل استفزازًا صريحًا وتحديًا كبيرًا للصين.


زيادة التوتر

بدوره اعتبر العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان، نوع من تأكيد القدرة الأمريكية على تجاوز التحفظات والتهديدات الصينية الكبيرة حول هذا الأمر، فالولايات المتحدة الأمريكية تريد إرسال رسالة لحلفائها في المنطقة، مثل اليابان وأستراليا والهند وكوريا الجنوبية، بأنها لا تزال قوية وموثوق فيها وقادرة على مجابهة الصين وفرض وجهة نظرها.

وبحسب حديثه "، تؤكد الولايات المتحدة طول الوقت أنها متمسكة بمبدأ الصين الواحدة، وأن هذه الزيارة لا يترتب عليها مواقف سياسية، فلا يتجاوز مجرد الدعم السياسي والمعنوي للحكومة التايوانية وللنظام الذاتي التايواني وغيرها من الأمور التي لا تتناقض مع الرؤية الصينية، وفقا للرؤية الأمريكية.

وتابع: "تحاول الولايات المتحدة تهدئة الأجواء مع الصين، عبر تصريحاتها التي تؤكد بأنها لا تزال هناك مساحات للتوافق بينها وبين الصين، ما يجعل واشنطن غير راغبة في التصعيد".

وأشار عكاشة إلى أن الجانب الصيني يعتبر هذه الزيارة تصعيدًا خطيرًا، في ظل الحساسية الصينية، وهذه الأنواع من الخطوات السياسية تزيد التوتر لا سيما في ظل الأجواء المتأزمة في المنطقة.

وعن الرد الصيني، يرى عكاشة أن الصين تتميز برصانة دبلوماسية وبقدر من التعقل الذي يجعلها ربما تمارس قدرا من التفهم لهذا الأمر، وتحاول أن لا تصل بالمشهد إلى نقطة اللا عودة مع الولايات المتحدة الأمريكية.

وأعلنت الخارجية الصينية، أمس الثلاثاء، استدعاء السفير الأمريكي لديها، وتسلميه مذكرة احتجاج على خلفية زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان (الصين).