الجمعة 17 أيار 2024

أردوغان يريد كسب أصدقاء جدد بسلوكه القديم

أردوغان يريد كسب أصدقاء جدد بسلوكه القديم
حضر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤتمر حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه للمرة الأولى منذ ثلاثة أعوام وزعم أنه يطرح رؤية جديدة للعامين المقبلين. وقال أمام حشد يعد بالآلاف، إن تركيا "ستزيد عدد أصدقائها وتضع حداً للعداوات في المنطقة"، مضيفاً أنه بسبب الموقع الجغرافي لتركيا "فإننا لا نملك ترف إدارة ظهورنا" سواء للشرق أو للغرب.
ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تفقده أصواتاً من هؤلاءوكتب الباحث فيصل اليافعي في موقع "آسيا تايمز"، أنه إذا كان أردوغان قد بدا كأنه يعود بعقارب الساعة إلى ما قبل عقد من الزمن إلى عصر "صفر مشاكل مع الجيران"، كان عليه أن يظهر ذلك في الأيام التي سبقت المؤتمر، وخصوصاً أن هذه الحماسة الجديدة للصداقة لم تكن موجودة خلال نهاية عطلة الأسبوع الماضي، عندما وصف أردوغان تعليقات الرئيس الأمريكي جو بايدن على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأنها "لا تليق برئيس".
ولم يكن هذا الإندفاع موجوداً قبل المؤتمر بيومين، قبيل منتصف الليل، عندما أقال أردوغان حاكم البنك المركزي (وهو ثالث حاكم تتم إقالته في الأعوام الثلاثة الأخيرة على رغم أن المستثمرين يكرهون مثل هذا التدخل)، وكذلك عندما انسحب من معاهدة يريد الإتحاد الأوروبي من تركيا البقاء فيها.
"أس 400"
كذلك، لم يكن هذا الاندفاع حاضراً في وقت لاحق من اليوم نفسه، عندما قال وزير الخارجية التركي مولود غاويش أوغلو عقب الإجتماع الأول مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، إن شراء النظام الدفاعي الجوي الروسي إس-400 بات "اتفاقاً نهائياً". ويكمن القلق الأمريكي حيال تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، من استخدام النظام الروسي، في قلب العلاقات المتوترة بين الجانبين. وسبق للولايات المتحدة أن حضت تركيا على التخلي عن هذا النظام.
من هذا المنطلق، يرى الكاتب أن ما يعرضه أردوغان ليس سوى تخفيف في النبرة، وليس تغييراً في الجوهر. ذلك لأنه، حتى لو أرادت تركيا مزيداً من الأصدقاء، فإنها غير راغبة في تغيير السياسات العدائية، التي أفقدتها هؤلاء الأصدقاء في المقام الأول.
وخلال أعوام قليلة، قاد أردوغان تركيا إلى تبني سياسة خارجية مستقلة، متخلياً عن التحالف مع الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وصاغت تركيا، العضو في الناتو مع أكبر جيش أوروبي، تفاهماً مع روسيا، وتورطت عسكرياً في الشؤون السورية وفي ليبيا وأذربيجان، مما استفز جارتها اليونان، وشنت حملات شخصية على قادة أهم دولتين في الإتحاد الأوروبي، وهما ألمانيا وفرنسا، وجمدت علاقاتها عند نقطة الصفر مع كلٍ من مصر والمملكة العربية السعودية.
ولئن كانت نتيجة هذه السياسات الاستقلالية، لكنها في الوقت نفسه تسببت باستياء لدى حلفاء سابقين، وابتعاد عن دول قوية، وأثارت الغضب من مجموعات في الداخل والخارج.
أردوغان المشاكس
ومع ذلك، فإن إعادة النظر في هذه السياسات ليست خياراً. وذلك عائد لسبب واحد، وهو أن أردوغان هو ذو طبيعة مشاكسة ويستمتع بالنزاعات السياسية، ويعتبر الحديث القتالي سياسة جيدة. ما يريده المخلصون لحزب العدالة والتنمية هو أردوغان المحارب والمشاكس والآحادي.
وأتت ملاحظاته التصالحية المقتضبة الأسبوع الماضي، بعد إعادة انتخابه زعيماً لحزب العدالة والتنمية، ليس بمجرد غالبية فقط، وإنما بما يشبه إجماع 1428 صوتاً بينما اقترع ضده ثلاثة فقط.
إذا كان أردوغان يرغب فعلاً بكسب الأصدقاء، يتعين عليه التخلي عن السياسات العدائية، ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تفقده أصواتاً من هؤلاء الذين كانوا موجودين في القاعة ومن آخرين غيرهم. 
زياد الاشقر