الإثنين 6 أيار 2024

هل تنجح قرارات المركزي السوداني بشأن "سعر الصرف" في إنقاذ اقتصاد البلاد



النهار الاخباريه وكالات


شهدت العملة الوطنية السودانية انخفاضات قياسية خلال العامين الماضيين ووصل التضخم إلى مستوى غير مسبوق، و رغم القرارات والتوصيات وخروج البلاد من العقوبات الاقتصادية وقائمة الإرهاب، لا يزال الوضع الاقتصادي مأزوم كما هو الحال في المشهد السياسي.

هل تفلح القرارات الأخيرة للبنك المركزي والمتعلقة بسعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية في تصحيح مسار الاقتصاد؟

يرى الخبير الاقتصادي السوداني، الدكتور محمد الناير، أن قرار توحيد سعر صرف الجنيه السوداني، هو قرار تحرير سعر صرف العملة الوطنية بشكل مطلق، وهو نفس الإجراء الذي تم اتخاذه من قبل في العام 1992، حينما تم تحرير سعر الصرف أو بمعنى آخر اتباع سياسة سعر الصرف المرن "تعويم الجنيه" بترك تحديد السعر لآلية العرض والطلب في السوق دون تدخل من البنك المركزي وإصدار سعر تأشيري للبنوك.

مخاطر كبيرة


وقال في حديثه  للنهار  الاخباريه "، تلك السياسة من حيث إطارها النظري صحيحة، وهي تفترض أن يحدث تراجع في قيمة العملة الوطنية في المرحلة الأولى لحين ما يتم جذب تدفقات من النقد الأجنبي، ثم تعود مرة أخرى العملة الوطنية لقوتها، لكن هذا من حيث الإطار النظري.
وتابع الناير: "أما في التطبيق العملي، فإن تطبيق تلك السياسة دون وجود احتياطي نقدي من النقد الأجنبي والذهب بصورة عامة، هنا ستكون هناك مخاطرة كبيرة جدا، وبالنسبة للسوق الموازي فهناك حالة من الترقب وهو أمر طبيعي في مثل تلك الحالات لعدة أيام لكي يدرس السوق ويعرف هل الدولة لها قدرة على ضخ كميات من النقد الأجنبي أم لا".

وأضاف: "بالتأكيد لديها القدرة فإن هذا الأمر سوف يحقق نجاحا كبيرا، أما إذا كان بنك السودان ليس لديه الاحتياطي الكافي ويعتمد فقط على الإطار النظري، فهذا لن يحقق استقرار بصورة كبيرة، وهنا يمكن أن يقود السوق الموازي السوق الرسمي، بالزيادة الكبيرة في سعر الدولار أو الانخفاض في قيمة العملة الوطنية في المرحلة القادمة".


إجراءات هامة

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن هناك إجراءات أخرى اتخذت من قبل اللجنة الاقتصادية العليا للطوارئ تتعلق بإجراءات أمنية وإنشاء محاكم خاصة، وكل من يساهم في تخريب الاقتصاد السوداني سوف يجد إجراءات رادعة.

وأكد: "هذا أمر جيد أن تكون هناك عقوبات رادعة، ومع هذا لا بد من وجود سياسات مشجعة لتطبيق الأحكام القضائية أو تفعيل الإجراءات الأمنية بصورة كبيرة باعتبارها عنصر مكمل للسياسات، ومن أهم السياسات التي يجب أن تتبع هو إنشاء بورصة للذهب في أسرع وقت ممكن، لأنه من شأنها أن تعالج قضية إدخال هذا المعدن النفيس في دائرة الاقتصاد بالكامل للحد من التهريب وتخزين الذهب بصورة أساسية".

فهم خاطىء

من جانبه، يقول الدكتور عبد الله الرمادي، خبير الاقتصاد السوداني، لتوضيح ما صدر اليوم عن البنك المركزي السوداني، حيث أصدر البنك المركزي قرار بإزالة التشوهات في سوق النقد الأجنبي وتوحيد سوق النقد الأجنبي، وجذب النقد الأجنبي إلى داخل النظام المصرفي، ووجه البنوك بتحديد وإعلان أسعار سعر الصرف للعملات الأجنبية وفقا لقوى العرض والطلب.

ويضيف في حديثه لـلنهار  "البعض مع الأسف فهم بيان البنك المركزي بشكل خاطئ، واعتقدت أن كلمة توحيد التي وردت في البيان يقصد بها توحيد سعر الصرف، بينما ما قصد بكلمة التوحيد هنا، هو إزالة التشوهات في سوق النقد الأجنبي وتوحيده في المصارف داخل النظام المصرفي، ما يؤكد ذلك هو أن المركزي وجه البنوك بضرورة توحيد أسعار صرف العملات الأجنبية وفقا لقوى العرض والطلب، ومعناه أن هناك سيكون أكثر من سعر، كل بنك يتنافس مع الآخرين في السعر الذي يقدمه وليس توحيد سعر الصرف، المراد هنا توحيد سوق النقد النقد الأجنبي بإدخالها في المصارف، هذا هو المراد وليس ما كان سائدا في السابق بوجود سوق موازي وسوق رسمي عبر البنك المركزي والذي يقوم فيه البنك بعمل مزاد للعملات، وقد انتقدت ذلك بشدة وتوقعت له الفشل، وهذا ما حدث".

وأشار الرمادي، إلى أن دور البنك المركزي هام في توفير مخزون من العملات الأجنبية وتعظيم العملة الوطنية وهو ما لم يقم به المحافظ السابق للبنك، لذا فإن فهم بيان البنك المركزي على أنه توحيد لسعر الصرف ينافي ما قصده البنك، وأن سعر الصرف يحدد من البنوك وفق القرار حسب قوى العرض والطلب.

أصدرت اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية السودانية، حزمة قرارات بهدف مواجهة التحديات الاقتصادية في البلاد وتحسين أوضاع المواطنين المعيشية، والحد من المضاربات في السوق ومحاكمة مخربي الاقتصاد الوطني.

جاء ذلك خلال الاجتماع الأول للجنة الأحد الماضي، برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي رئيس اللجنة الفريق أول محمد حمدان دقلو، بحسب وكالة الأنباء السودانية "سونا".

وقال جراهام عبدالقادر، وزير الثقافة والإعلام المكلف، عقب الاجتماع، إن القرارات الاقتصادية تضمنت توحيد سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار.

وتشمل القرارات كذلك تأمين انسياب المواد البترولية لضمان استقرار الإمداد الكهربائي وتسهيل إجراءات توفير احتياجات شهر رمضان بشكل عاجل .

وأوضح جراهام أن اللجنة أصدرت قرارا بإنشاء محكمة خاصة لمحاكمة مخربي الاقتصاد الوطني، لا سيما ما يتعلق بالتهرب الضريبي والتلاعب بالدولار وتهريب الذهب.
وقررت اللجنة تفعيل القوة المشتركة لمكافحة التهريب، ومراجعة منشور سياسات بنك السودان المتعلقة بحصائل الصادر، بجانب استكمال إجراءات قيام بورصة الذهب، ومراجعة الرسوم على غرام الذهب.
وأوضح جراهام أن اللجنة أصدرت قرارا بتحديد سعر تأشيري وتشجيعي للقمح والإسراع بتطبيق نظام النافذة الموحدة لتسهيل عمليات الصادر والوارد والاستثمار.