السبت 27 نيسان 2024

مرشحو رئاسيات الصومال.. اختلفت الأسماء والوعود واحدة



النهار الاخباريه  وكالات 

مع استعداد الصومال لخوض غمار انتخابات رئاسية لاختيار رئيسها العاشر يوم الأحد، يطرح المرشحون في سباق الرئاسية برامجهم الانتخابية في حال فوزهم بكرسي الرئاسة أمام البرلمان بمجلسيه "الشعب والشيوخ".
اللافت في برامج المرشحين في سباق الرئاسة رغم اختلاف رؤاهم وبرامجهم تكرار للوعود التقليدية التي طالما فشلت الحكومات السابقة في تطبيقها، وفق مراقبين، ما يضرب تطلعات الشعب الصومالي لتحسين ظروفهم المعيشية في هذه الانتخابات بالحائط.
وتركزت خطابات المرشحين أمام البرلمان على ملفات "تقليدية وأخرى غير واقعية"، بحسب المراقبين، قد يستحيل تحقيقها على أرض الواقع ويتصدرها الملف الأمني ودحر حركة "الشباب" الأمر الذي لم يخلو منه يوما من الحملات الانتخابية.

كما ركز المرشحون في برامجهم على ملفي استكمال الدستور المؤقت في البلاد والاقتصاد، إلى جانب وعود أخرى مثل إيصال البلاد إلى انتخابات صوت واحد لشخص واحد والمصالحة ومواصلة جهود إعفاء الديون.
فيما لم تحظ السياسة الخارجية باهتمام كبير سوى لدى ثلاثة مرشحين وهم الرئيس السابق حسن شيخ محمود، وفوزية حاج أبوبكر، وطاهر محمود جيلي الذين أكدوا بأن السياسة الخارجية بحاجة إلى مراجعة وتثبيت لأركانها بعد أن شهدت البلاد هزات دبلوماسية في السنوات الأربعة الماضية.

 الملف الأمني

إعادة تشكيل الجيش وتحرير الصومال من حركة "الشباب" مثلتا أولوية كبيرة في برامج المرشحين بسباق الرئاسة نظرا لما تعاني منه البلاد من تدهور أمني نتيجة هجمات الحركة، إلى جانب ضعف القدرات القتالية للجيش الصومالي لدحر مقاتلي الشباب.
الرئيس الحالي محمد عبدالله فرماجو تعهد في خطابه أمام البرلمان بمواصلة جهود حكومته لتعزيز وتأهيل قدرات الجيش الصومالي حيث أعطى خلال ولايته الرئاسية اهتماما كبيرا في هذا الملف وسيواصل تلك الجهود في حال فوزه لولاية ثانية وفق ما أعلن.
وقال الرئيس فرماجو الذي يعد من أبرز المرشحين في الانتخابات الرئاسية بأن حكومته "تمكنت من تحرير مدن وبلدات من قبضة حركة الشباب في إقليمي شبيلى الوسطى والسفلى، وأن خططه الأمنية كانت واضحة وحققت نتائج إيجابية في الواقع".
فيما شدد الرئيس السابق حسن شيخ محمود، على "أهمية إعادة استقرار وأمن البلاد"، مستشهدا "بإنجازاته" خلال فترة حكمه.
وقال شيخ محمود إن فترة حكمة "كانت تعد مرحلة مفصلية للإرهابيين حيث تمكنا من تحرير 39 مدينة في الأقاليم الصومالية من قبضة حركة الشباب وهو أكبر إنجاز لم يحققه أي رئيس سابق في البلاد فيما يخص ملف محاربة حركة الشباب".
من جهته قال الرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد إنه "سيعيد النظر في المؤسسات العسكرية في البلاد، ولديه خطة أمنية ستطبق في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية، ما يمكن للجيش الصومالي في جميع أقسامه من أداء واجباته الأمنية المنوطة به".
وأوضح شريف، أنه "لا يمكن تحقيق الأمن من دون العدالة"، مشيرا إلى أن برنامجه "سيولى اهتماما كبيرا لإرساء العدالة في البلاد وتعزيز المؤسسات المعنية في هذا الشأن".


وتعهد رئيس الوزراء السابق حسن علي خيري، "بإنهاء ملف الإرهاب وإرساء الاستقرار في كامل تراب البلاد"، لافتا إلى "خبرته خلال توليه منصب رئيس الحكومة حول ملفات الأمن وأنه قادر على تحقيق الأمن في البلاد خلال 4 سنوات".
ويشكل الملف الأمني أبرز التحديات التي تواجهها الحكومات الصومالية، نظرا لضعف القدرات القتالية للجيش الصومالي نتيجة الحظر المفروض على البلاد من استيراد الأسلحة، وهو ما أدى إلى إطالة أمد الصراع بين الحكومات الصومالية المدعومة من القوات الإفريقية "أتمس" ومقاتلي حركة "الشباب".

 استكمال الدستور المؤقت

احتل الدستور المؤقت في البلاد حيزا كبيرا من البرامج الانتخابية للمرشحين لما يشكله من عقبة في نظام الدولة كونه لا يفصل الصلاحيات بين المؤسسات التنفيذية والتشريعية في البلاد ما يجعل الخلافات السياسية التي تعيق الصومال تتكرر في كل الحكومات المتعاقبة.
وركزت فوزية حاج أبوبكر وهي السيدة الوحيدة المرشحة في الرئاسيات الصومالية خلال خطابها على "أهمية استكمال الدستور المؤقت في البلاد من أجل إيجاد مناخ المصالحة بين أطياف المجتمع الصومالي".
وأوضحت حاج أبو بكر، أن "فشل استكمال الدستور المؤقت في البلاد هو غياب المنهجية العملية"، مشيرة إلى أنها "ستكمل دستور الصومال خلال المئة اليوم الأولى في حال انتخابها لرئاسة البلاد".
بدوره أكد المرشح سعيد عبدالله دني وهو رئيس ولاية بونتلاند في الصومال، أن "استكمال الدستور المؤقت قد يمهد لجو
سياسي مستقر بعيدا عن التجاذبات السياسية التي أعاقت تقدم البلاد.
وأضاف دني، أنه "يضمن في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية العمل على استكمال الدستور وسط مشاركة جميع أطياف الصوماليين من أجل إنهاء تضارب الصلاحيات بين الحكومة والولايات الفيدرالية المحلية من جهة وبين المؤسسات التنفيذية والتشريعية من جهة أخرى".
ويرى المحلل والإعلامي الصومالي أويس حسن في حديث للأناضول، أن "عدم استكمال الدستور المؤقت في البلاد أساس المشكلة التي تعاني منها البلاد من حيث صلاحيات وتوزيع الثروات"، مشيرا إلى أن "استكماله في هذا التوقيت وخلال أربعة سنوات قد يبدو شبه مستحيل نظرا لتضارب المصالح بين القبائل الصومالية".

 الملف الاقتصادي

كما يأتي الملف الاقتصادي في صدارة البرامج الانتخابية للمرشحين في سباق الرئاسة، وهو ما يعكس الواقع الاقتصادي المرير الذي تمر فيه البلاد نتيجة تأخر الانتخابات، وتعليق المجتمع الدولي المساعدات المالية لدعم ميزانية الحكومة في الصومال.
ووصف المرشح شيخ محمود اقتصاد البلاد بـ"الهش"، متعهدا "ببناء أركان اقتصاد الصومال من خلال رفع الدخل المحلي مع اعتبار ظروف المعيشية في البلاد".
وأشار إلى أنه "يسعى للوصول إلى مرحلة الاكتفاء الاقتصادي واعتماد ميزانية الحكومة على الدخل المحلي من دون دعم خارجي، مستبعدا أن "تبقى ميزانية الدولة معتمدة على دعم المجتمع الدولي الذي يمكن الاستفادة منه في الجوانب التنموية".
من جهته، قال المرشح خيري، إنه "سيعمل على تنشيط الدبلوماسية الاقتصادية من خلال إعداد ارضية اقتصادية متينة لجلب الاستثمار الأجنبي حتى ينعكس على معيشة المواطنين".
كما تعهد خيري، بأنه "سيوفر مئة ألف فرصة عمل خلال سنتين إذا فاز في الانتخابات الرئاسية في البلاد"، مشيرا إلى أن "خلق فرص العمل ستلعب دورا في انعاش الاقتصاد الصومال".
وفي هذا السياق عبر المرشحون عن عزمهم في تفعيل ملف الاقتصاد مثل الرئيس الحالي فرماجو والرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد بسبب تراكم الأزمات التي أثرب سلبا على عجلة الاقتصاد إلى جانب الديون الخارجية.
ويعيش الاقتصاد الصومالي على وقع أزمات سياسية ومناخية سببت في تراجع الإنتاج الزراعي في البلاد ما أدى إلى تفشي التضخم والبطالة حيث تصل نسبة البطالة إلى 71 بالمئة تقريبا في صفوف الشعب البالغ عددهم نحو 14 مليون نسمة.

 السياسة الخارجية

العلاقات مع دول الجوار وتصفير المشاكل مع دول العام وانتهاج دبلوماسية متزنة وناضجة هذه العبارات وغيرها جاءت ضمن برامج بعض المرشحين في سباق الرئاسة رغم أن هذا الملف لم يكن أولوية في برامج غالبية المرشحين.
وقال المرشح طاهر محمود جيلي، إن "السياسة الخارجية الصومالية ليس لها ثوابت دبلوماسية بل تتغير حسب رغبات الجهة الحاكمة وهذه تنعكس على سوء الدبلوماسية الصومالية"، مشيرا إلى أنه "حسب خبراته الدبلوماسية والأكاديمية سيجعل السياسة الخارجية الصومالية أكثر نضجا في المحافل الدولية".
وأشار جيلي، إلى أن الصومال "شهدت في السنوات الخمسة الماضية طرد 3 سفراء وهذا يعكس مدى هشاشة 

الدبلوماسية الصومالية التي بحاجة إلى تصحيح مسارها لإيجاد سياسة خارجية واضحة المعالم قادرة على التعامل مع دول العالم بطرق دبلوماسية ثابتة".
أما الرئيس السابق والمرشح الحالي حسن شيخ محمود أعطى السياسة الخارجية من أولويات برامجه الانتخابية انطلاقا من حملته حيث اختار شعارا لها " شعب متصالح مع نفسه ومع العالم " في إشارة ضمنية لمدى تدهور العلاقات بين الصومال مع دول عربية وأفريقية.
وأوضح حسن شيخ، أنه "سينتهج سياسية خارجية مبنية على التعايش السلمي مع غيرها من العالم بعيدا عن خلق عداوة خارجية قد تؤثر سلبا علاقات الدبلوماسية مع العالم الخارجي".
وأشار حسين شيخ، إلى أنه "سيعزز العلاقات مع دول العالم وخاصة الدول التي دعمت الصومال في شتى المجالات إلى جانب حربها ضد الإرهاب" في إشارته إلى حركة "الشباب".

ورأت المرشحة أبوبكر أن "السياسة الخارجية هي مرآة للبلاد، وأن تحسينها يعني تحسين الدبلوماسية الصومالية التي تجلب النفع للصومال، بينما السياسة المتهورة قد تضر البلاد وتجعلها منبوذة عن محيطها الخارجي"، معربة عن "عزمها على جعل سياسة الخارجية في أحسن مستوياتها".

 صوت لشخص واحد

إجراء انتخابات شعبية بات اليوم حلما يراود الشعب الصومالي ناهيك عن السياسيين لكن أمامها تحديات جمة رغم وعود المرشحين في تحقيق هذا الحلم خلال أربعة سنوات فقط، فيما يرى الكثيرون أنها تأتي في إطار الحملات المرشحين ولا يمكن ترجمتها على ارض الواقع.
وقال المرشح فرماجو، إن حكومته "باتت على بعد خطوات من إجراء انتخابات شعبية في البلاد لكن رؤساء الولايات الفيدرالية حالت دون ذلك لأسباب غير واضحة"، لافتا إلى أنه "لايزال على خطاه في تحقيق انتخابات شعبية في البلاد إذا أعيد انتخابه لولاية ثانية".
وشدد على أنه "على البرلمانيين أن يعلموا بأن المرشح الجديد لا يمكنه تحقيق انتخابات مباشرة"، مطالبا "بإعادة انتخابه مرة أخرى حتى تجرى في البلاد انتخابات مباشرة يختار الشعب من خلالها من يحكم البلاد".
ومن جهته قال المرشح خيرى، إنه "يسعى خلال السنوات الأربعة المقبلة إلى أجراء انتخابات مباشرة في البلاد، وأن لديه خطة تمهد في تحقيق هذا الاستحقاق الانتخابي".
فيما عبر المرشحان شيخ محمود وشيخ أحمد، عن "عزمهما على تجاوز البلاد عن صيغة انتخابات غير مباشرة و إيصاله إلى انتخابات مباشرة يعيد الصوت للشعب الذي لم يذق طعم انتخابات مبشرة منذ أكثر من 3 عقود".
وإجراء انتخابات مباشرة "مرهون باستكمال الدستور المؤقت وهذان الملفان هما الأكثر تحديا أمام المرشحين في سباق الرئاسة، إلى جانب الملف الأمني ما يجعل تحقيقهما في ظرف أربعة سنوات غير واقعية نظرا لمعطيات الواقع السياسي القائم في البلاد"، بحسب المحلل حسن.
ويخوض في صراع الانتخابات الرئاسية في البلاد 39 مرشحا بينهم سيدة واحدة للظفر بكرسي الرئاسة، حيث سيختار البرلمان بمجلسيه الشعب والشيوخ البالغ عددهم 329 الرئيس العاشر في البلاد في اقتراع سري في خيمة بمطار مقديشو الدولي الأحد المقبل.